للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمور يجب على دارس الفقه مراعاتها]

لا بد للقارئ في كتب الفقه أن ينتبه إلى أمورٍ، منها: أولاً: ما يكون في بعضها من المخالفة للنصوص الثابتة في الكتاب والسنة ومتابعة للمذهب فقط، وتأييد للرأي المَحض على النص.

كما يذكر مثلاً في بعض كتب المذاهب: أن الإمام يقوم في صلاة الجنازة عند صدر الرجل والمرأة.

لماذا؟ قال: لأن الصدر فيه القلب، والقلب هو مستقر الإيمان، فإذاً نقوم عند الرجل والمرأة في صلاة الجنازة عند الصدر في كليهما، مع أن السنة قد جاءت بأن يقف الإمام عند رأس الرجل ووسط المرأة.

أو مثلاً ما يوجد في بعض الكتب من أن حضور النساء للجماعات متروك بإجماع المتأخرين حسناً: هذا تحكيمٌ للعقل تحكيمٌ للرأي في النص، وماذا أفادنا إجماع المتأخرين إذا كان خالف الكتاب والسنة؟! ثانياً: الحذر من الأحاديث الضعيفة والموضوعة أو الاحتجاج بها واستنباط الأحكام منها، فتجد مثلاً في بعض كتب الفقه: وضع اليدين تحت السرة، مع أن أحاديث وضع اليدين حتى السرة في الصلاة، أو مثلاً دفن الشعر والأظفار، أو عدم استقبال الشمس والقمر أثناء قضاء الحاجة، أو إعادة الوضوء من القهقهة، هذه الأحاديث كلها ضعيفة، لا يصح الاحتجاج بها، ولا الاعتماد عليها، فلا بد من الحذر أثناء القراءة في كتب الفقه من هذا الأمر.

ثالثاً: الحذر من تقديم أقوال العلماء المتأخرين على أقوال الأئمة المتقدمين.

رابعاً: عدم انحباس طالب العلم المتقدم في مذهب واحد ويترك الاستفادة من علوم المذاهب الأخرى.

ومن أمثلة ما تقدم في اعتماد أقوال العلماء المتأخرين وترك أقوال المتقدمين، أن بعضهم قال مثلاً: لا يجوز للشافعي أن يقتدي بإمامٍ حنفي، وبعضهم قال: لا يجوز للحنفي أن يقتدي بإمامٍ شافعي، مع أن الأئمة كانوا يصلون وراء بعضهم البعض، والاختلافات التي بينهم لا تمنع اقتداء بعضهم ببعض في الصلاة، فيقولون قول المتأخرين: لا يقتدي الشافعي بالحنفي، أو الحنفي بالشافعي، ولذلك وُجِدَت أربعة محاريب في المساجد، كل جماعة تصلي لوحدها الأحناف لوحدهم، والمالكية لوحدهم، والشافعية لوحدهم، والحنابلة لوحدهم؛ لأن المتأخرين عندهم أن الشافعي لا يقتدي بالحنفي وهكذا، مع أنه في عصر أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد كان يصلي بعضهم وراء بعض، أحمد يصلي وراء الشافعي، ولا يقول: هذا يُخالفني في فروع، فأنا لا أصلي وراءه، فترك أخذ كلام بعض المتأخرين الْمُخالف للمتقدمين مشكلة! خامساً: الانحباس على أقوال مذهب معين، وعدم أخذ الاستفادة من أقوال المذاهب الأخرى، هذا أيضاً فيه تضييق وفيه فوات فوائد كثيرة، بل إن التعصب وصل عند بعضهم أنه قال: كتب المذهب الفلاني مثل أحاديث أهل الكتاب لا تصدق ولا تكذب، بل نتوقف فيها.

سادساً: الحذر من خلو كثير من الكتب المذهبية من الأدلة الشرعية، بحيث صارت المتون الفقهية هي المرجع الأول والأخير، وهذا خطأ.

سابعاً: في بعض الكتب الفقهية تجد الخوض في مسائل خيالية، وافتراضات سخيفة، وأحياناً تكون المسائل الخلافية هي هذه، والمسائل الخيالية هذه تكون نتيجة اعتقادات صوفية باطلة، لأن بعض الاعتقادات الصوفية الباطلة تسربت إلى بعض كتب الفقه.

فمثلاً: تجد في بعض هذه الكتب بحثاً في (الصلاة إلى أرض الكعبة)، إذا خرجت الكعبة)، وأين خرجت الكعبة؟ قالوا: لزيارة الأولياء، إذا ذهبت الكعبة لزيارة الأولياء وبقيت أرضها فارغة ماذا نفعل؟ كيف نصلي في الحرم؟

الجواب

اتفقوا على أنه يصلي إلى الأرض الفراغ إلى فراغ أرض الكعبة.

كما قالوا: لو دخل رجل في فرج امرأة لوجب عليه الغسل؛ لأنه بطبيعة الحال قد غيب الحشفة، هل هذا كلام يعقل؟! وهناك أمثلة أخرى كثيرة في هذا؛ لكن يعف اللسان عن ذكرها.

ثامناً: فتح باب الحيل المحرمة، فهذا يُنْتَبَه منه.

تاسعاً: مخالفة الفروع للأصول.

عاشراً: التعقيد في أسلوب بعض المتون، وسبق أن ذكر بعض العلماء، قالوا: ليس العالم الذي يحفظ متناً من المتون فيصبح عالماً، ليس العالم الذي يحفظ مختصر خليل في فقه المالكية، أو مراقي الفلاح والكنز في فقه الحنفية، أو الغاية والتقريب في فقه الشافعية أو زاد المستقنع عند الحنابلة، إذا حفظ متن كفى! من حفظ الزاد حكم بين العباد! لا، المسألة تحتاج إلى فهم في المتن وأدلة، ولا يصح قطع الطالب عن الكتاب والسنة.