للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[زيادة الهلع ينقلب إلى الضد]

خامساً: إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، فمثلاً: لما يقع الهلع من الناس فيشترون كل شيء أكثر مما يحتاجون، وتفرغ الأسواق من سلعٍ معينةٍ -مثلاً- بدون حاجةٍ إلى هذا الاندفاع الكبير لشراء هذه الكميات الكبيرة، فهذا أمرٌ منافٍ للتعقل، ثم شراء الأشياء التي قد لا يحصل منها نفعٌ وليست أسباباً واضحة ينتفع بها هو أيضاً دليلٌ على عدم التعقل.

مثال: أقدم كثيرٌ من الناس على شراء الفوانيس على هذا الكاز، كان الفانوس بخمسة أو ستة ريالات لا أحد يشتريه، فقفز سعره إلى ستين وسبعين وثمانين ومائة، واشترى الناس الفوانيس، وصرف بعض الناس بضاعةً كانت عندهم، والله هو الرزاق سبحانه وتعالى ساقَ إليهم رزقهم عبر هذا الهلع أو بعض التصرف من بعض الناس، فلما قيل لهم: إن الفوانيس لا تصلح في مثل هذه الأوضاع، عليكم بالأشياء الكهربائية ذهب الناس إلى البطاريات وألقيت الفوانيس جانباً.

مثالٌ آخر: مراوح يدوية، هل تصدقون أن بعض الناس قد اشتروا مراوح يدوية في فصل الشتاء، فهذا تصرفٌ دالٌ على عدم التعقل أيضاً، وهكذا.

مثالٌ آخر: اتصل بي بعض الناس يقول: في وقت حدوث أو انطلاق صفارة الإنذار دخل الناس إلى هذه الملاجئ ولا ملجأ من الله إلا إليه سبحانه وتعالى، ولا يقي من الشرور إلا هو سبحانه وتعالى، وصار بعضهم يتصل على بعض، ادخل الغرفة فوراً والبس الأقنعة، اعمل اعمل، وليس هناك ما يدعو إلى لبس الأقنعة داخل البيوت محكمة الإغلاق مثلاً، وربما حصل بسبب إساءة استعمالها أضرار على الأطفال، فإنه قد بلغني أن بعضهم قد مات اختناقاً من وضع هذا الكمام عليه بالطريقة بالخطأ.

فصار الشيء الذي أخذ سبباً للحياة سبباً للوفاة، ثم قال هؤلاء السائلون: كيف نتوضأ؟ يا أخي توضأ بالماء، قال: لكن نحن الآن متكممون في الغرفة ولا نستطيع أن نتوضأ وقد دخل وقت الصلاة، قلت: يا أخي اخرج إلى الحمام وتوضأ فهي خطوات، قال: أنا لا أستطيع أن أخرج من الملجأ، سبحان الله! وأنتم ترون من الواقع أنه ليس هناك داعٍ لحصر النفس بالغرفة دون خروجه إلى الحمام، فلو أراد أن يقضي حاجته، ماذا يفعل؟ لو انحصر فأراد الذهاب إلى الحمام، ماذا يفعل؟ فكان هذا التصرف بعدم الذهاب إلى الحمام للوضوء لأجل الصلاة شيئاً عجيباً، لكن الناس -فعلاً- كثيرٌ منهم ليس عندهم القدرة على التصرف الصحيح في أوقات الأزمة، ولذلك من الأدعية التي يدعو بها المسلم: (اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا) فليس هناك غاز، وليس هناك خطر، وليس هناك أشياء متسربة، فما المانع أن تذهب إلى الحمام للوضوء؟!