للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علامات يعرف بها المنافقون]

المنافقون لما مات الرسول صلى الله عليه وسلم، انقطع السبيل الذي نستطيع أن نحكم به عليهم حكماً كاملاً صحيحاً، ذهب الوحي، ماذا بقي لنا نحن؟ كيف نعرف المنافقين؟ الله عز وجل من رحمته ما تركنا نحن وهؤلاء المنافقون يعيثون فساداً، لا، أعطانا علامات وبيَّن لنا في القرآن دلائل وأدلة ندينهم بها كثيرة، منها: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد:٣٠] يعني: في فلتات لسانه، ترى أحدهم مثلاً يحاذر في كلامه ويتكلم باسم الدين، ولكنه فجأة في إحدى المناسبات يزل، فينكشف لك ما في داخل قلبه من معاني الكفر والضلال والنفاق التي أخفاها.

فإذاً: نقول: إنهم يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً، يريدون أن يُفصِّلوا من الإسلام ثياباً تناسب أهواءهم وشهواتهم، ولكن لتعرفنهم في لحن القول؛ ولأجل هذا أيها الإخوة! يرينا الله عز وجل في القرآن مفاهيم شاملة ترد على أولئك الناس، وترد على هذا الخطأ والضلال، وهو أخذ بعض الدين وترك البعض الآخر حتى في العبادات، حتى لا يفهم الناس أن الصلاة تكفي والصيام يكفي والحج يكفي، وشهادة أن لا إله إلا الله قولاً تكفي، حتى لا يفهم الناس هذا المفهوم الخاطئ؛ جاءت آيات في القرآن لكي تنير السبيل للمؤمنين وتوضح القضية: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة:١٧٧] كونك تولي جهة المشرق أو المغرب أو الشمال أو الجنوب ليس في تلك الجهة تفضيلاً معيناً إلا عندما يأتي في القرآن والسنة تخصيصٌ لها، فتصبح جهة الكعبة مفضلة، نستقبل الكعبة في صلاتنا، الجهات أصلاً ليس مفضل واحد عن آخر، ليست القضية مشرقاً ومغرباً، القضية أن الله أمرنا أن نتوجه إلى تلك الجهة، ولذلك الناس في أنحاء العالم يتوجهون إلى الجهات الأربعة وما بينها حتى يصلوا إلى الكعبة، ليست القضية في جهةٍ معينة {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا} [البقرة:١٧٧] هذا هو مفهوم الشمولية، هذه هي الجوانب التي تميز الصادق من الكاذب، والتي تبين لك وتبرهن هل أنت صادق في التزامك بالإسلام أم لا؟