للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[محاجة المشركين]

قال تعالى محاجاً من يشركون به: {أَمْ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنْ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:٢١ - ٢٣].

لو كان هناك أكثر من إله في العالم مثلما يقول الآن المجوس وغيرهم -عندهم عدة آلهة- فماذا كان سيحدث في السماوات والأرض؟ ستفسد وتضطرب، هذا يقول: أنا أحرك الساكن، وهذا يقول: أنا أسكن المتحرك، وهذا يقول: أنزلوا المطر هنا، وهذا يقول: لا بل أنزلوه هنا، وهكذا ستفسد السماوات والأرض.

{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون:٩١] وصارت حروب بينهم ومنافسات عظيمة: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون:٩١ - ٩٢] فلو فرض وجود صانعين متكافئين لفسد العالم، ولو كان واحد أقوى من غيره، فهو الرب والبقية ليست آلهة: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً} [الإسراء:٤٢ - ٤٣] فلو كان يوجد آلهة أخرى، لكانت لجأت إليهم {إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} [الإسراء:٤٢] وهذا من طرق المناظرة، يقول: لنفرض أن كذا وكذا قد تحقق فماذا كان سيحدث؟ سيحدث كذا وكذا، فيظل الشرك ممتنعاً.

وكذلك فإنه سبحانه وتعالى قرر المشركين بتوحيد الألوهية عن طريق توحيد الربوبية: {قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ} [المؤمنون:٨٤ - ٨٩].

تعبدون اللات والعزى وهبل ومناة، تعبدون الأصنام والأحجار والأشجار، وربكم خالق السماوات والأرض؟! بالربوبية يستدل على الألوهية ويفرضها عليهم ويلزمهم بها: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:٢٥] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف:٨٧] {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الأنعام:١٠١ - ١٠٢] لماذا تشركون به؟