للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معوقات الالتزام بالإسلام]

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

الجواب

=٦٠٠٠٣٩٤> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

الجواب

=٦٠٠٠٤٩٣> يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:١].

الجواب

=٦٠٠٣٦٠٢> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

إخواني في الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فإنه من نعم الله علينا أن التقينا معاً في هذا المكان في حلقة نسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون من حلق الذكر، وأن يكتبنا وإياكم في ديوان السعداء من أهل الجنة، ويكفر عنا سيئاتنا، ويعلي درجاتنا بحوله وقوته، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.

والحقيقة أيها الإخوة! أن التقاء الأخ بإخوانه بعد فترة من الزمن؛ يجدد النشاط للنفس للسلوك في سبيل الله عز وجل في سبيل الدعوة إلى الله في سبيل تعلم العلم في سبيل الالتقاء على الخير، وعلى طريق المحبة في الله.

أما بالنسبة لموضوعنا فسنتكلم الليلة -إن شاء الله- عن عوائق في طريق الالتزام بالإسلام.

نحن أيها الإخوة! سبق أن بينا في درسٍ ماضٍ بعنوان: (جدية الالتزام بالإسلام) حيث بينا تعريف الالتزام، وذكرنا أنه ممثلٌ بقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة:٢٠٨] والسلم: هو الإسلام {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة:٢٠٨] أي: تمسكوا بجميع شعب الدين، وخذوا بجميع عُرى الدين، لا تتركوا منها شيئاً على قدر استطاعتكم، هذا هو الالتزام بالإسلام، ويمكن أن نضع له تعريفات كثيرة، ولكن يكفينا قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة:٢٠٨] أي: لا تتركوا منه شيئاً.

وإذا نظرنا -أيها الإخوة- إلى واقع الناس اليوم نجدهم في بُعدٍ كبيرٍ عن تعاليم الإسلام، والتمسك بهذا الدين، والالتزام بأحكامه، فإذا سألنا أنفسنا سؤالاً: لماذا يترك الناس الالتزام بالإسلام، وأحكامه مع أنهم يعرفون بأن هذا التمسك واجبٌ عليهم؟ ولماذا يعيشون حياة التفلت التي نراها اليوم في واقع المسلمين وحياتهم؟! أيها الإخوة! للإجابة على هذا التساؤل لا بد أن نفكر في المعوقات التي أدت إلى هذا التفلت والترك للالتزام بالإسلام، وبالنظر إلى هذه المعوقات وجدناها تنقسم إلى قسمين: ١ - قسمٌ يتعلق بالشهوات.

٢ - قسمٌ يتعلق بالشبهات.

واعلموا أيها الإخوة! أن الله أشار إلى كلٍّ من هذين الأمرين في محكم التنزيل، وفي الكتاب العزيز، فقال عز وجل عن المنافقين: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} [البقرة:١٠]، وقال جل وعلا: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الحج:٥٣]، وقال عز وجل: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:٣٢].

والآن لو سألنا سؤالاً: هاتين الآيتين: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} [البقرة:١٠]، والآية الثانية: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:٣٢] أي الآيتين التي فيها ذكر مرض الشهوات، وأي الآيتين التي فيها مرض الشبهات؟ الآية الأولى: فيها مرض الشبهات: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} [البقرة:١٠] هؤلاء المنافقون في قلوبهم مرض، هذا المرض هو الذي سبب هذا النفاق، وهو مرض الشبهات التي تترسب في الأذهان والقلوب، فتسبب هذا النفاق بجميع أنواعه وصوره ومراحله.

أما الآية الثانية: يوصي الله عز وجل نساء النبي صلى الله عليه وسلم ألَّا يخضعن بالقول، أي: أمام الرجل الأجنبي يجب على المرأة ألَّا تلين بالقول، وتتكسر في صوتها، وتتغنج به؛ حتى يطمع الذي في قلبه مرض، وهذا القلب هو الذي يتأثر بالتغير في صوت المرأة، فبسبب مرض الشهوة تستثار الشهوة عندما يسمع الصوت المتكسر المتخلع الرقيق من المرأة.

فلذلك يجب على المرأة أمام الرجال الأجانب أن تخشن من صوتها، وألَّا تجعل فيه ذلك الطبع الأنثوي الذي يثير الغريزة في نفس الرجل.

عندما أشار الله تعالى في القرآن إلى هذين المرضين، لم يترك الخلق وفيهم هذه الأمراض تنتشر وتستفحل! لا.

ولكنه أخبر في القرآن بأن فيه علاجٌ لكل مرضٍ، ولكل نوعٍ من هذه الأمراض، فقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:٥٧]، وقال الله عز وجل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً} [الإسراء:٨٢].

إذاً أيها الإخوة! هذين المرضين من الأمراض المستفحلة العظيمة المهلكة التي تصيب قلوب العباد، وفي موضوعنا هذا تلعب أمراض الشهوات والشبهات أدواراً أساسية في إعاقة التزام الناس بالإسلام، وتحول بينهم وبين الالتزام بأحكام الدين.