للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المقصود منه كذا وكذا]

وإذا جئت إلى أحكام كثيرة، تنهى الإنسان عن إسبال الثوب، يقول لك: المقصود الخيلاء وأنا لم أسبل خيلاء، ومن الذي قال لك: إن النهي عن إسبال الثوب المقصود منه الخيلاء؟ ومن أين استقيته؟ فكثير من الناس ليس عنده علم، يقول هكذا، فإذا رجعت إلى الأحاديث وجدت أن الإسبال منهي عنه مطلقاً لا للخيلاء ولا لغير الخيلاء: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) فصار عندنا عملين مختلفين كل واحد له جزاء مختلف عن الآخر: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) مطلقاً و (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) فالذي يسبل ثوبه إلى تحت الكعب له جزاء وهو أن يحترق ذلك الجزء من جسمه في النار، ومن جره خيلاء له جزاء أعظم وهو ألا ينظر الله إليه.

انظر كيف تبين الأحاديث، وهذا الرجل يقول: المقصود أنها خيلاء، ثم كما يقول ابن العربي رحمه الله في فتح الباري في التعليق على هذا الحديث الذي رواه ابن عمر في الصحيح: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) قال: وأي إنسان يقول: أنا لا يوجد في نفسي خيلاء، لا نقبل كلامه، لأن معناه أننا فتحنا الباب أمام كل أحد أن يقول: أنا لا أقصد الخيلاء: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم:٣٢] ما يدريك أن ما في نفسك خيلاء، أي: لو لم يكن هذا الحكم إلا من باب سد الذرائع لكفى.