للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعلُّم اللغة العربية

قال شيخ الإسلام رحمه الله: اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرضٌ واجبٌ، فإن فهم الكتاب والسنة فرضٌ، ولا يفهمان إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ثم منها ما هو واجب على الأعيان؛ على كل واحد بعينه، ومنها ما هو واجب على الكفاية؛ على بعض الأمة دون الآخرين.

وجاءت الآثار عن السلف بتعلم اللغة العربية وإعراب القرآن وأمرنا بتعلم اللغة العربية.

وأجمع العلماء على أن معرفة النحو من شروط الاجتهاد، وحثُّوا على تعلمها، وقال بعض أهل العلم: من شروط المفتي أن يعرف من اللغة والنحو ما يعرف به مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم في خطابهما، وقال بعض السلف: تعلموا النحو كما تتعلمون الفرائض والسنن.

وقال النووي رحمه الله: وعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف، واللحن هو الخطأ، كنصب المرفوع ورفع المجرور ونحو ذلك.

وقال الشعبي رحمه الله: النحو في العلم كالملح في الطعام لا يستغنى عنه.

وكره الإمام أحمد -رحمه الله- أشد الكراهية تسمية الشهور بالفارسية، وهذا له وجهان كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: الوجه الأول: إذا لم يُعرف المعنى جاز أن يكون محرماً، واليوم يعرف الكثيرون أن أسماء بعض الشهور بلغة الأعاجم التي نستعملها في جميع الشركات، وبعض الشهور لها علاقة بأسماء الآلهة التي يعبدها الكفار، ومن هذا الباب منع العلماء الرقية بالأعجمية خوفاً أن يكون فيها شركٌ وما لا يجوز.

الوجه الثاني: نهى الإمام أحمد -رحمه الله- عن تسمية الشهور بغير العربية، واستعمال الأسماء الأعجمية؛ كراهة أن يتعود الرجل النطق بغير العربية، فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون، وأمة الإسلام تتميز باللغة العربية، فإنها لغتها، ولغة كتابها، وشرح الكتاب والسنة بها.

وقد تكلم الفقهاء في حكم الأذكار والأدعية في الصلاة بغير العربية، وفرقوا بين القادر والعاجز، قال شيخ الإسلام رحمه الله: وأما الخطاب بالأعجمية من غير حاجة في أسماء الناس والشهور، فهو منهيٌ عنه مع الجهل بالمعنى بلا ريب وكره الشافعي رحمه الله لمن يعرف العربية أن يسمي بغيرها وأن يتكلم بها خالطاً لها بغيرها وهذا الذي قاله الأئمة مأثورٌ عن الصحابة والتابعين، وقال عمر رضي الله عنه وأرضاه: [إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم] وسمع محمد بن سعد بن أبي وقاص قوماً يتكلمون بالفارسية، فقال: [ما بال المجوسية بعد الحنيفية؟ ٍ] جاء الله بالحنيفية وباللغة العربية، فما بالكم تستعملون اللغة المجوسية الفارسية بدلاً من الحنفية ولغتها اللغة العربية؟! وإسناده صحيح.