للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لابد من لغة مشتركة توحد الأمة]

قال العلماء: ولسان العرب أوسع الألسنة مذهباً، وأكثرها ألفاظاً، ولا نعلم أحداً يحيط بجميع ألفاظه غير نبيٍ، وهو موجود في الأمة متفرقاً لا يضيع منه شيء، ولما أنزل الله الكتاب ووحد الناس، أمر بأن يوحد الناس ربهم، وأن تكون الأمة متحدةً لا متفرقة، علم أنه لا بد من لغة توحدها.

قال الشافعي رحمه الله: فإذا كانت الألسنة مختلفةً بما لا يفهم بعضهم بعضاً، فلا بد أن يكون بعضهم تبعاً لبعض، وأن يكون الفضل في اللسان المتبع على التابع، وأولى الناس بالفضل في اللسان من لسانه لسان النبي صلى الله عليه وسلم.

فلا بد من لغة مشتركة لتوحيد الأمة، وهذا مطلب شرعي.

ثم قال الشافعي رحمه الله: فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده حتى يشهد به أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله، وينطق بالذكر فيما افترض عليه.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: فمعرفة العربية التي خوطبنا بها مما يعين على أن نفقه مراد الله ورسوله بكلامه، وكذلك معرفة دلالة الألفاظ على المعاني، لماذا ضل أهل البدع؟ لأنهم لم يعرفوا دلالة الألفاظ على المعاني.

وقال الماوردي رحمه الله: ومعرفة لسان العرب فرضٌ على كل مسلم من مجتهد وغيره.

لما اكتسح الإسلام بلاد العالم، نشر الصحابة اللغة العربية، وتلك منقبةٌ عظيمةٌ من مناقبهم، فتغلغلت في جميع نواحي الأرض من المغرب إلى الهند، واكتسحت اللغة العربية سائر اللغات المستعملة في تلك البلدان؛ كالسريانية واليونانية والقبطية والبربرية، وأثرت في اللغات الأخرى كالأردية والفارسية تأثيراً عظيماً، واكتسحت اللغة العربية اللغة اللاتينية في أسبانيا في العصور الوسطى، حتى أن أهل الذوق من الأسبان بهرتهم نصاعة هذه اللغة، واحتقروا لاتينيتهم، وأقبلوا على تعلم هذه اللغة، وإحصائية القاموس الأسباني والبرتغالي تشهد بأن ربع كلمات الأسبانية والبرتغالية مشتقةٌ وأصولها عربية، بل أثرنا في لغات الأقوام الأوربيين الآخرين.