للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الكبر]

أحياناً يرفض الحق للكبر، قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف:١٤٦] ولذلك مهما ناقشته، وجادلته بالتي هي أحسن، وبالأدلة فلا يمكن أن يقتنع.

وبعض الناس تستغرب منه لكبره، والكبر آفة عظيمة، ولذلك فصاحبه محروم من دخول الجنة، لما يورثه الكبر في نفسه من الابتعاد عن الحق الذي يدخل صاحبه الجنة.

وقد حفل التاريخ بأمثلة ممن أوقعهم الكبر في مهاوي، مع أن الواحد أحياناً يستغرب كيف وقع هؤلاء، أنت -مثلاً- إذا تأملت الآن مؤلف كتاب: الصراع بين الإسلام والوثنية، تجد فيه من نصرة العقيدة الصحيحة، والرد على المبتدعة أشياء مذهلة، وقد تجد فيه وجوهاً للرد مثل كلامه في آية: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ} [النساء:٦٤] التي استدل بها أصحاب المبتدعة على إتيان الرسول صلى الله وعليه وسلم في قبره بعد موته، وطلب الاستغفار، تجد وجوهاً في الرد ممتازة ومحكمة ربما لا تجدها لمن هو أكبر منه وأعلى باعاً، فقد ألهمه الله إياها فكتبها دفاعاً عن أمة الدعوة.

والبروق النجدية في اكتساح ظلمات الدجوية، وغيرها من الكتب الجيدة، فتستغرب فعلاً كيف انحرف هذا الرجل حتى صار ملحد ثم ألف: محاكمة الكون لله، والرجل انحرف تماماً عن الحق، ونزل من مرتبة العلم القوي الصحيح إلى الإلحاد، ليس صاحب بدعة فنقول: بدعته انحرفت به، ولا هو صاحب شبهة، فنقول شبهته انحرفت به، فالحق واضح عنده، وهو يدافع عنه، ويفري فرياً، لكن في النهاية، انحرف، فلا ندري ما هو السبب.

كل الأمور متوفرة لديه، والبراهين والأدلة واضحة، وطريقة الرجل مستقيمة، وعقيدته صحيحة، ومنهجه طيب، ولكن: الكبر الذي في نفسه.

ولو أن ما عندي من العلم والفضل يوزع في الآفاق لأغنى عن الرسل

رجل وصلت به المسألة إلى هذه الدرجة، قال: لو أن ما عندي من العلم والفضل يوزع على الناس لما كان هناك داعٍ لإرسال الرسل، ويقول: وحق لي أن أتكبر لما عندي من الإمكانيات، والطاقات، ولذلك سقط سقوطاً مريعاً، وقد قيض الله من يرد عليه، مثل الشيخ عبد الله بن يايس رحمه الله في الرد القويم، والشيخ ابن سعدي، ومحمد بن عبد الرزاق حمزة، والشيخ صالح السويح، وغيرهم من أهل العلم، الذين بينوا عوار الرجل، وكشفوا أباطيله، لكن تأمل وخذ درساً في عدم الاغترار، وفي أن الكبر يحطم صاحبه تحطيماًَ شاملاً، ونسأل الله الثبات، فالواحد يجد نفسه صاحب عقيدة سيلمة، وصاحب سنة، ويتبع الدليل، وفجأة يقع بسبب الكبر.