للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية التربية في حفظ رأس المال البشري]

رابع عشر: التربية مهمة في حفظ رأس المال، فبعض الناس هداهم الله إلى الإسلام، كانوا كفاراً فأسلموا، وبعض الناس كانوا ضلالاً فاهتدوا، هؤلاء الكفار الذين أسلموا والضلال الذين اهتدوا هل انتهت المهمة عند هدايتهم، أم أننا نحتاج إلى تربية لإكمال المشوار معهم؟ ما هو سبب ردة بعض الكفار الذين كانوا أسلموا ثم رجعوا إلى الكفر مرةً أخرى؟ وما هو سبب انتكاس بعض الناس الذين هداهم الله إلى أجواء الشهوات مرة أخرى؟ وتركوا الدين وانحلوا وقد كانوا يوماً من الأيام أسرجةً وهاجةً وكانوا منارات وشعلات يعملون للإسلام ويضحون في سبيل الله، ثم انطفأ هذا الوهج وهذا النور وعادوا فحماً أو سود من الجاهلية التي كانوا فيها؟ ما هو السبب أيها الإخوة؟

الجواب

في الغالب عدم وجود قنوات تربوية تستوعب هذه الشخصيات لإكمال المشوار.

بعض الناس يقول: سوف أركز جهودي على هؤلاء الكفار، وأدعوهم إلى الإسلام، وأعطيهم مصحفاً مترجماً، وأكلمهم عن الدين ومحاسن الإسلام، رجل تأثر في لحظة من اللحظات وأسلم وغيَّر اسمه وأخذ الشهادة من المحكمة إلخ وبعد ذلك، عملت مع جاري ودعوته وكلمته ونصحته بالأسلوب وبالشريط وبالكتاب وبالمؤثرات، فتأثر الرجل فترة من الفترات، وتسلطت عليه أنوار الإيمان واهتدى، وترك المعازف والأغاني والمجلات والمسلسلات وقرناء السوء وعمل المنكرات والتزم وصار يصلي في المسجد، وبعد ذلك أتى لسؤال الكبير والكبير جداً، وبعد ذلك هل انتهت المسألة عند هذا الحد؟ بعض الناس يظنون أن القضية هي أنك تهدي الكافر إلى الإسلام، والضال إلى طريق الهداية فقط، وتذهب لتبحث عن غيره، المهم أن تزيد العدد، هات كفاراً جدداً يسلموا، هات ضلالاً جدداً يهتدوا ماذا فعلت بالكفار الذين أسلموا؟ ماذا فعلت بالضلال الذين اهتدوا؟ بماذا أكملت لهم؟ وبماذا ساعدتهم وارتقيت بهم؟ أيها الإخوة: حفظ رأس المال مقدم على الأرباح.

والتربية مهمة لاستثمار نتائج الجهود الدعوية، ولإكمال المخطط الإيماني، لم تنتهِ المسألة، ما زلنا في أول خطوة، نحن صعدنا به أول درجة من السلم، فما الذي يرتقي به بقية السلم؟ هذه هي طريقة التربية.

إذاً: كانت الدعوة هي المرحلة السابقة للتربية، فالتربية مرحلةٌ لا بد منها بعد الدعوة لكي يحافظ على المكاسب التي جنيناها من وراء الدعوة، والذين يظنون أن وظيفتهم هي الدعوة إلى الله فقط، ثم لا يكون المشوار مع من دعوهم إلى الله، ومن اهتدوا إلى الإسلام، ومن رجعوا إلى الإيمان بعد الضلال، فهؤلاء الناس ما فقهوا منهج الأنبياء.

ولذلك الدعوة مهمة جداً لإكمال المشوار لهؤلاء، وظني أن الذي يكمل المشوار بشخصٍ أسلم ويرتقي به ويعلمه ويوجهه ويمضي معه الطريق فترة حتى يثبت عوده ويقول له: الآن انطلق أنت صاحب رسالة، أنت الآن ادع إلى الإسلام، هذا المنهج معك، خذ كتابك بيمينك وامض، ظني به أنه لا يقل أجراً أبداً عن الشخص الذي أدخله في الإسلام أول مرة إن لم يكن أكثر، لأن الشطارة الآن، ولا نقصد بهذه الكلمة معناها اللغوي السيئ، نقول: ليس الجهد والاعتناء والهدف فقط هو إدخال الناس، وبعد إدخالهم ماذا سيحدث؟ السؤال الذي يطرح نفسه، السؤال الكبير، وكثيرٌ من الناس عندهم استعداد لأن يؤثروا على أشخاص بالالتزام بالإسلام لكن قلة من الناس الذين عندهم استعداد أن يأخذوا بأيدي هؤلاء الأشخاص مرتبةً مرتبة، ودرجةً درجة، لتنقية شخصياتهم من رواسب الجاهلية، وملء نفوسهم بالتصورات الإسلامية، وإعداد هذه الشخصيات لتكون في المستقبل دعاةً إلى الله عز وجل.

إذاً: الوقاية والحماية والتعليم لا بد من إعطائه وبذله بطريق التربية إلى هؤلاء القادمين الجدد.