للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علوم الصوفية الباطلة]

وكذلك من العلوم التي أحدثت وليست بعلم إطلاقاً: علوم الصوفية المتعلقة بالرأي والذوق والكشف والإلهام ونحو ذلك.

ويقولون: شيخنا يقرأ من اللوح المحفوظ، وأنتم تأخذون علمكم ميتاً عن ميت، فأسانيد البخاري ومسلم: فلان عن فلان وكذا، عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة كلهم ماتوا، ونحن نأخذ عن الحي الذي لا يموت، علم الصوفية هو: حدثني قلبي عن ربي، وهذه علومهم مدونه وفيها كتب، هذه قضية.

مثلاً: الكشف، يقولون: كشف الله له الحُجب وأستار السماوات فنظر إلى طوبى، ومكتوب عند العرش كذا، وقرأ العبارة الفلانية، أي: شيخهم قرأ العبارة الفلانية.

ثم الإلهام: ألهمني كذا، ثم الرؤى، وهي من مصادر العلم عند الصوفية، ولذلك قال ابن عربي الملحد الأفاك الذي له قبر يزار ويحج إليه في الشام يقول: " فرب حديث صحيح-أي: صحيح في البخاري - يرى الولي النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فيقول له: لم أقله، ورب حديث غير صحيح -أي: سند الحديث ضعيف أو موضوع- يرى فيه الولي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: هو من كلامي وأنا قلته ".

بهذه الطريقة ضاع الحديث تماماً؛ لأن القضية صارت على المنام، إذا قال: قلته في المنام، فقد قاله، وإذا قال: ما قلته، فمعناه ما قاله، حتى لو كان الحديث في البخاري، وبهذا ضاعت الأصول.

ولذلك الأئمة الذين ينسب المتصوفون إليهم كلامهم بعضهم من أهل الحق ومن أهل السنة، ولو رأيت كلامهم لناقض ما عليه أهل التصوف هؤلاء الضلال.

قال: (قال الجنيد: علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، من لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يُقتدى به في علمنا هذا).

قضية الكشف وقضية الذوق ونحوها دخل فيها الزنادقة، فحركة الزندقة استغلت التصوف ودخلت فيه، وكانوا من أشد الناس بلاء على أهل الإسلام وأذىً للمسلمين، ثم أدت القضية بهم إلى الوقوع في الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، حتى إن شيخ الإسلام لما ناقشهم قال: النصارى خير منكم، النصارى يقولون: إن الله حلَّ في عيسى في واحد، وأنتم تقولون: الله حل في كل شيء، ولذلك يقولون:

وما الكلب والخنزير إلا إلهنا وما الله إلا راهب في كنيسة

يقولون: الله في كل مكان، في الجدار وفي كذا وفي كذا، وفرعون كان على حق عندما قال: (أنا ربكم الأعلى)، لكن موسى استعجل وأنكر عليه هكذا قالوا.

ثم لما ناظر يهودي قبل أن يُسلم ابن تيمية قال: حكى لي عبد السيد فلان من اليهود قبل أن يُسلم، قال: إنه ناظر واحداً من هؤلاء الضلال الصوفية فقال له: ما تقول في كذا.

قال: الله في كل شيء حتى قال: وكلام فرعون صحيح لما قال: (أنا ربكم الأعلى)، فقال له اليهودي: إذاً فرعون كلامه أصح من كلام موسى، وفرعون غرق ومات وموسى نجَّاه الله، فأنا مع موسى، فبهت الصوفي.