للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقوال بعض العلماء في الأدب]

ومن بعض أقوال العلماء في الأدب؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إمام العلماء: (إن الهدي الصالح والسمت والاقتصاد جزءٌ من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة) فإذاً من الأدب السمت الصالح، حسن السمت، والهدي الصالح يدخل في النبوة.

وقال النخعي رحمه الله: " كانوا إذا أتوا رجلاً ليأخذوا عنه، نظروا إلى سمته وصلاته وإلى حاله، ثم يأخذون عنه " أول شيء ينظرون إلى أدب العالم والمحدث، فإن وجدوه أديباً مؤدباً، أخذوا عنه، ولذلك كان مجلس الإمام أحمد رحمه الله يجتمع فيه من الزهاد خمسة آلاف أو يزيدون، خمسمائة يكتبون الحديث، والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسمت.

وقال ابن عباس: [اطلب الأدب فإنه زيادةٌ في العقل ودليلٌ على المروءة، ومؤنسٌ في الوحدة، وصاحبٌ في الغربة، ومالٌ عند القلة].

وقال أبو عبد الله البلخي: " أدب العلم أكثر من العلم ".

وقال ابن المبارك رحمه الله: " لا ينبل الرجل بنوعٍ من العلم ما لم يزين علمه بالأدب ".

وكذلك قال ابن المبارك أيضاً: " طلبت العلم فأصبت منه شيئاً، وطلبت الأدب فإذا أهله قد بادوا ".

وقال بعض الحكماء: لا أدب إلا بعقل، ولا عقل إلا بأدب.

وقال بعضهم: رأيتُ من أراد أن يمد يده في الصلاة إلى أنفه فقبض على يده، خرجت واحدة بنحو الأنف والثانية قبضت عليها، فكفتها.

وقال يحيى بن معاذ: " من تأدب بأدب الله، صار من أهل محبة الله ".

وقال ابن المبارك أيضاً: " نحن إلى قليلٍ من الأدب أحوج منا إلى كثيرٍ من العلم ".

هناك أناس عندهم علم كثير لكن ليس عندهم أدب، ولذلك نفروا الناس وما أخذ عنهم أحد، بسبب عدم الأدب، وسئل الحسن البصري رحمه الله عن أنفع الأدب فقال: "التفقه في الدين، والزهد في الدنيا، والمعرفة بما لله عليك".

وبعدما ذكرنا طرفاً من الأدب وتعريفه، فنقول أيها الإخوة وقد يحصل السؤال عن منهج هذا الدرس ومن أي كتابٍ يكون، فرأيت ألا يكون هناك كتابٌ محدد لأن بعض الآداب التي سنتكلم عنها قد لا توجد في كتابٍ محدد، أو موجودة في أكثر من كتاب، ولكن من أحسن الكتب في الآداب وأكثرها تنظيماً وأجودها تصنيفاً: غذاء الألباب شرح منظومة الآداب للسفاريني يقع في مجلدين، وقد شرح منظومة ابن عبد القوي وأكثر الآداب التي سنتكلم عنها من هذه المنظومة، فإذا كان الشخص يريد أن يأخذ كتاباً في موضوع الآداب، فليأخذ كتاب غذاء الألباب شرح منظومة الآداب.

نعم يوجد كتاب الآداب الشرعية لـ ابن مفلح، مباحث نفيسة وجيدة، توسع في بعض الأشياء، لكن في جودة الترتيب وحسن التصنيف كتاب غذاء الألباب أحسن، فإن السفاريني قد جاء بعد ابن مفلح وأخذ أشياء كثيرة، واستفاد من كتابه، لكنه رتب كتابه، وإن كان يوجد فيه عبارات صعبة على المبتدئ في طلب العلم، كتاب غذاء الألباب.

ولعلنا في بقية هذا الدرس نلقي نظرة سريعة على منظومة الآداب لـ ابن عبد القوي ونذكر أطرافاً عامة من الأدب قبل أن نشرع في الكلام عن الآداب بالتفصيل، وسنتكلم إن شاء الله في موضوع الآداب على آداب تلاوة القرآن، آداب الضيف، آداب العطاس والتثاؤب، آداب الانفعال، آداب توقير الكبير ورحمة الصغير، وكذلك أدب الجار، أدب الحوار والمناظرة، ما يتعلق بالرؤى والأحلام، آداب النكاح، آداب الطعام الشراب، آداب الأكل، آداب الضحك والمزاح، آداب المريض، آداب المساجد، آداب المشي، آداب المصافحة والمعانقة والتقبيل، آداب النوم، وآداب الهدية، وآداب الوليمة، إن شاء الله في خلال الدروس القادمة نتعرض لكل واحد من هذه الأنواع بالشرح والتفصيل مع الأدلة وأقوال العلماء، وفروع أدب كل جانب من هذه الجوانب، وسيكون الدرس ثلاثة أيام في الأسبوع، في السبت والأحد والإثنين إن شاء الله بين صلاتي المغرب والعشاء.