للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقوال ليست من السنة]

السؤال

ما حكم قول بعضهم عند القيام في التراويح: {رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء:٨٩]؟

الجواب

إذا لم يثبت في هذا حديث فهي بدعة فبعض الناس -مثلاً- إذا قام للصلاة قال: أقامها الله وأدامها، هل ورد في هذا شيء؟ لم يرد حتى حديث ضعيف، إذاً لا نقوله، أو إذا قام للتراويح للوتر يقول هذا الدعاء، الدعاء صحيح لكن توقيته غير صحيح، الدعاء صحيح قاله زكريا عليه السلام: {رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء:٨٩] بعض الناس بعد السلام من الصلاة يقول: تقبل الله، ويحافظ عليها، وبعضهم يقول: حرماً يعني: يصلي في الحرم فيقال: جمعاً أي: أجمعين.

وبعضهم بعد الوضوء يقول: زمزم، ونحو ذلك من عبارات معينة لم ترد في الشرع إذا واظب عليها تتحول إلى بدعة، لأنك كأنك اخترعت ذكراً، بل هو كذلك اختراع لذكر لم يرد في الشريعة بقصد التعبد إلى الله، فهذا هو تعريف البدعة: اختراع في الدين يقصد به التقرب إلى الله، أحداث في الدين يقصد بها التقرب إلى الله.

جاء أبو موسى إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: [يا أبا عبد الرحمن! إني جئت من مسجد الكوفة ورأيت فيه عجباً، قال: وما رأيت؟ قال: رأيت قوماً حلقاً حلقاً على رأسهم واحد يقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة، كبروا مائة فيكبرون مائة وهكذا قال: وما قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار أمرك، قال: هلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وأنا ضامن لهم ألا ينقص من حسناتهم شيء، ثم تلثم وخرج فدخل المسجد فوجدهم على هيئتهم حلقاً حلقاً، وقائل يقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة، كبروا مائة فيكبرون مائة، فكشف اللثام عن وجهه وقال: أنا أبو عبد الرحمن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ما أسرع هلكتكم يا أمة محمد! هذه ثياب نبيكم لم تبل وآنيته لم تكسر] ثم زجرهم ووبخهم وأمرهم أن يكفوا عن هذا الصنيع المبتدع قال بعد ذلك: [فلقد رأيت عامة هؤلاء يطاعنون يوم النهروان] يعني: مع الخوارج أي: فهم أصول الخوارج، إذاً: أصول الخوارج كانت لهم بدعة خرجوا بها على المسلمين.

فإذاً: لا يجوز إحداث شيء في الدين أو ذكر من الأذكار لم يرد في الشريعة ومن فعل ذلك يأثم؛ لأنه يزيد على الدين وكأنه يقول: إن الإسلام ناقص وأنا جئت وأكملته، أو يقول: إن رسول الله خفيت عليه وأنا علمته، لأنك تلزم المبتدع تقول له: هذا الشيء الذي تفعله -احتفال بالمولد أو ذكر من الأذكار، وأي بدعة من البدع، أو صلاة أول خميس من رجب، تقول: هذا الشيء الذي تفعله هل أنت تفعله بنية التقرب إلى الله أم لا؟ هو لا يستطيع أن يكابر ويقول: لا.

أنا أفعله مثل الأكل أو الطعام؛ لأنه أكيد يفعله تقرباً إلى الله، إذاً أنت تقول: أنت تعمله تقرباً إلى الله وهذا دين فأين الدليل؟ فيقول: لا دليل فتقول: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) ثم تقول له: هل علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإذا قال: لا.

اتهم رسول الله بالجهل، وأنه فاته هذا الشيء حتى علمه هذا، ثم إذا قال: نعم.

علمه رسول الله فما بلغنا معناه، فإنه اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بكتمان العلم.

وهكذا المبتدع من جميع الجهات آثم متضرر من جميع الجهات، كلما جئت من جهة وجدت خرقاً، والدين يزول بأن يزيد فيه كل واحد حتى يصبح متغيراً، والقاعدة: كلما أحييت بدعة أميتت سنة، وكلما أحييت سنة أميتت بدعة، ولذلك فالبلاد التي فيها بدع كثيرة السنة فيها ميتة، وما عندهم من العلم بالسنة إلا قليل، عندهم مجموعة كبيرة من البدع، والبلاد التي فيها السنة ظاهرة تجد البدع فيها قليلة، وهذا قانون المدافعة الإلهي، إذا انتصرت السنة وهيمنت؛ زالت البدعة وخفت، والعكس بالعكس.