للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الزكاة في القرآن]

أيها المسلمون: يقول الله عز وجل: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} [البقرة:١٧٧] إذاً لا بد من إخراج الزكاة وهي من البر، قال سبحانه وتعالى مبيناً من هم المسلمون، ومن هم إخواننا في الدين، ومن هم الذين يجب الكف عن قتالهم، قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:٥] وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١] ومن هذه الآية وغيرها أخذ بعض أهل العلم أن تارك الزكاة كافر ولو لم يكن جاحداً {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١] فإذا لم يتوبوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة؛ فليسوا بإخواننا في الدين.

وذهب بعض أهل العلم إلى عدم كفر تارك الزكاة إذا منعها بخلاً ولم يمنعها جحوداً، قال الله عز وجل عن إسماعيل عليه السلام: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم:٥٥] ووصف الله المؤمنين بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون:٤] وهدد وتوعد وقارن بين الربا والزكاة فقال: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم:٣٩] فبعض الناس يخرج الزكاة ابتغاء عرض دنيوي من ذكر أو شهرة أو ثناء من الناس ونحو ذلك، أو يخرجها لا عن طيب نفس فقال الله: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم:٣٩] أي: الذين يضاعف لهم الأجر.

أيها المسلمون: ولأن الزكاة ركن من أركان الإسلام والشريعة تبين الأركان كما تبين غيرها؛ فقد بين الله في كتابه من هم الذين يستحقون الزكاة، وإلى أي أصناف الناس تصرف: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:٦٠] عليم بعباده، حكيم فيما شرع لهم.