للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الانشغال عن الوعظ بما يقسي القلب]

ومن الأسباب التي تؤدي إلى السقوط: أن يكون الإنسان في بداية الالتزام في حالة ندم شديد على ما فعل في الماضي، فيبدأ الضمير يؤنبه، ويبدأ الرجل يحس بالحاجة إلى المواعظ والرقائق، فهو لا يزال يسمع المواعظ والرقائق الواحدة تلو الأخرى ويستشعر خشية الله في البداية، وبعد فترة من الزمن تبرد الأمور، وينشغل بأشياء أخرى عن الرقائق والمواعظ، وينسى خشية الله.

دائماً في بداية دخول الناس في بداية التوبة تكون توبة حارة، ويكون الإقبال شديداً، وتكون العبادة عظيمة، وبعد فترة من الزمن تبرد هذه الأشياء، ويخف تأثر الإنسان بالمواعظ، وقد لا يسمع موعظة مطلقاً، ويقول: دع المواعظ لغيري ممن دخلوا في الطريق الآن، أنا أمري أعظم من سماع المواعظ؛ فيترك سماع المواعظ وينشغل بغيرها، فيضعف واعظ الله في قلبه.

والرسول صلى الله عليه وسلم كان من منهجه أن يحافظ على المواعظ على أصحابه حتى لو تقدم بهم العمر في طريق الاستقامة، ولذلك يقول الصحابي: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون) بعد كم سنة وعظهم؟ لا يزال يعظهم، مضت عليهم سنوات في طريق الإسلام، لكن موعظة مهمة، وترقيق القلب مهم حتى في آخر لحظات الحياة؛ ولذلك -أيها الإخوة- لا بد أن نركز على قضية الوعظ الرقائق، وعلى قراءة كتب الرقائق والمواعظ، ولا بد أن يركز الدعاة إلى الله بين الناس على الوعظ، وبين أنفسهم كذلك على وعظ أنفسهم بأنفسهم، لا بد أن يتعظوا.

وورد في صحيح البخاري في قصة الخضر: (أن موسى عليه السلام قام خطيباً في بني إسرائيل، فوعظ الناس وذكرهم، فسالت الدموع، ووجلت القلوب فولى) فاختصر الموعظة، وعظ الناس بشيء مناسب، ولما تأثروا مشى حتى لا يترك المجال لفتح مواضيع أخرى تذهب أثر الموعظة.

فعلينا التركيز على قضية الوعظ والرقائق، وعدم إهمالها أو تركها لمن نعتقد أنهم دوننا في المستوى الإيماني.