للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تأثير الاسم على من يسمعه]

قال أبو الفتح بن جني وهو من علماء اللغة: ولقد مر بي دهرٌ وأنا أسمع الاسم ولا أدري معناه، فآخذ معناه من لفظه ثم أكشفه فإذا هو ذلك بعينه أو قريباً منه.

يقول ابن القيم رحمه الله بعد سياق الكلام المتقدم: فذكرت ذلك لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: وأنا يقع لي ذلك كثيراً.

فتأمل مثلاً في لفظ سعيد كيف تدل تلك الكلمة على معناها، ثم تأمل لفظ شقي كيف تدل الشين والقاف مع الياء على معنى مكروه من النفس، ولو ذكرت كلمة خنزير مثلاً إلى أحد الأشخاص الذين لا يعرفون معناها ولا يعرفون مدلول هذه الكلمة ثم سألته هل هذا الاسم حسنٌ أو قبيح؟ لكان تأثير اجتماع الخاء والنون والزاي في نفسه أثراً قبيحاً، ولقال لك: إن اسم خنزير قبيح ومدلوله قبيح، لو كان سليم الفطرة.

وبالجملة فإن الأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها وأضداد ذلك تستدعي أسماء تناسبها أيضاً.

وكما أن ذلك ثابت في الأوصاف فهو كذلك ثابت في الأعلام، وإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه وقد يحمل اسمه على فعل ما يناسب ذلك الاسم، ولهذا ترى أكثر السفلة كما يقول ابن القيم: أسماؤهم تناسبهم، أبو لهب، وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم محمد صلى الله عليه وسلم، عمر وهكذا، علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

هذه مقدمة لطيفة في العلاقة بين الاسم والمسمى وقد لا تطرد دائماً ولكن هناك علاقة ما.