للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ماذا قال الله في كتابه عن الدنيا؟]

إن الله سبحانه وتعالى قد بين لنا حقيقة هذه الدنيا في كتابه، وذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه ذكراً كثيراً جداً حتى لا ينطلي أمرها على المسلمين، وحتى يعرفوا حقيقتها وفناءها وزوالها وهوانها على الله، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} [الكهف:٤٥] نزل الماء فاختلط بنبات الأرض فأصبح مورقاً أخضر يانعاً، ونضجت الفواكه والثمار وطابت واصفرت واحمرت، ولكن ماذا بعد هذا؟ قال الله تعالى: {فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف:٤٥] أصبح يابساً متكسراً متفتتاً، تفرقه الرياح وتنسفه لخفته: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً} [الكهف:٤٥].

وقال الله عز وجل: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً} [الحديد:٢٠] في النهاية، هشيماً متكسراً يابساً: {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد:٢٠] فهي تغر بفتنتها وزينتها ولكنها هينة، ولكنها عند الله لا تساوي شيئاً، هذه الحياة الدنيا وصفها ربنا بأنها لهو ولعب، وعقد المقارنة بينها وبين الآخرة وقال الله: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الأنعام:٣٢] {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت:٦٤] هي الحياة الحقيقية، هي الحيوان: يعني الحياة الدائمة المستقرة الباقية: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ * أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ} [القصص:٦٠ - ٦١] في الآخرة: {كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} [القصص:٦١] أي: للجزاء والحساب.

هذه الحياة الدنيا سميت دنيا لدنوها وسفولها، الحياة الدنيا، هي القليلة الصغرى، هذه الحياة الدنيا مليئة بالشهوات والفتن ولكنها شهوات زائلة، وأمور تفتن ولكن لحظات عابرة لا يستمتع بها حق الاستمتاع أحد: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} [آل عمران:١٤] الأشياء المتشهاة: {وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} [آل عمران:١٤] المضاعفة بعضها فوق بعض: {مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} [آل عمران:١٤] المعلمة المطهمة: {وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران:١٤] يعني: الزرع والثمار والشجار والنبات: {ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [آل عمران:١٤] هذه أنواع البهجات الدنيوية هذا متاع الحياة الدنيا: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران:١٤].