للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضيافة إبراهيم عليه السلام للملائكة]

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا هو رب الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين وإمام المتقين، وحامل لواء الحمد يوم الدين، وصاحب الشفاعة العظمى الذي ترغب إليه الخلائق كلهم حتى إبراهيم، كما جاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

أيها المسلمون: لم يكن إبراهيم داعيةً إلى التوحيد فحسب، وإنما كان إنساناً كريماً يكرم الضيف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كان أول من أضاف الضيف إبراهيم) ومعلوم خبر الملائكة الذين أتوا إليه، وكانوا يريدون القضاء على قوم لوط الذي كان من آل إبراهيم موحد مثله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الذاريات:٢٤ - ٢٥] فرحب بهم ولو أنه لا يعرفهم، وفتح الباب لأجلهم، دخلوا عليه فقالوا سلاما، أي: بابه مفتوح للضيوف، فراغ إلى أهله خفية حتى لا يشعروا بالحرج، لأنه يريد أن يقدم لهم ضيافة: {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات:٢٦] جاء بعجل سمين على وجه السرعة، عجل مشوي على الرضف المحمى، طعام نفيس للضيوف، ولم يقل: تعالوا وإنما قربه إليهم ودعاهم إلى الأكل فقال: {أَلا تَأْكُلُونَ} [الذاريات:٢٧]؟ حتى يبتدءوا، لأن الناس يجلسون على الطعام ينتظرون إشارة المضيف، وإبراهيم يسارع ويقول: {أَلا تَأْكُلُونَ} [الذاريات:٢٧] وسائر أنواع كرم الضيف تجدها في سيرته عليه السلام وهو يكرم أولئك الملائكة الذين لم يأكلوا؛ لأنهم لا يأكلون.