للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تصبير المريض وجعله يرضى بقضاء الله]

الحقيقة أنه عندما يوجد أمامك مريض فهذه فرصة كبيرة لتعليم هذا المريض أشياء كثيرة جداً، وستصادف بطبيعة الحال كما ترى أنت في الواقع العملي أكثر مما أراه أنا أو غيري، سترى فرصة للتصحيح ينبغي أن تستغلها، فمثلاً: ينبغي للطبيب المسلم أن يذكر المريض بالرضى بالله عز وجل وبقضاء الله، ويذكره بمثل حديث: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير) لأن المريض قد يكون في حالة من اليأس والقنوط، ويحس مع تزايد الألم ومع وطأة المرض عليه بأنه في حالة قد لا يشفى منها وقد يقنط من رحمة الله، والشخص في الحالة الطبيعية قد لا يأتي في نفسه هذا اليأس، ولكن الشخص في حالة المرض وتحت وطأة المرض قد يوجد عنده هذا الإحساس، وأنت -يا أخي- بصفتك طبيباً وأنتِ بصفتك طبيبة لا بد من استغلال هذه الفرصة لوضع الدواء الإسلامي الناجح؛ لتبيين قضية الرضى بقضاء الله، ومساعدة المريض بالألفاظ الطيبة التي تصبره على ما يعيشه من المحنة ومن التعب النفسي والجسدي.

وقد يتسخط بعض المرضى، وقد يسبون المرض أو أعراض المرض، ولكن عندما نرى هذا الحديث في صحيح الإمام مسلم، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب فقال: (ما لك تزفزفين؟ قالت: الحمى، لا بارك الله فيها.

فقال: لا تسبي الحمى؛ فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد) كما أن هذا الفرن الحار وهذه النار الحامية تذهب الخبث أو الشوائب في الحديد حتى يخرج معدناً صافياً نقياً، كذلك هذه الأمراض تنقي المريض من الخطايا، فأنت إذاً تفتح له باب الأمل، وتفتح له باب رحمة الله، وتقول له: رب ضارة نافعة، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وهذه فرصة لمحو كثير من الذنوب والخطايا التي قد لا تمحى إلا بالمرض، لأن كثيراً من توبة الناس واستغفارهم خاطئة فيها خطأ، ولكن إذا جاء المرض يمحو الله به من السيئات ما لا يمحوه بالتوبة والاستغفار.

وقد يصل المريض إلى درجة أن يتمنى الموت، تجده يصرخ -مثلاً- في الغرفة ويدعو على نفسه بالموت، أو يدعو الله أن يميته تحت هذا الضغط من الألم، فعند ذلك تبين له حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد فليقل: اللهم أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني ما علمت الوفاة خيراً لي) هذه مبادئ أساسية، وهذه الأحاديث -يا إخوة- يمكن أن الشخص العادي لا يجد لها مجالاً عملياً مثل ما يجدلها الطبيب، ولكن أنت بواقعك تستطيع أن تطبق هذه الأحاديث وتعمل بها في الواقع كثيراً.