للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كثرة الوساوس المتعلقة بذات الله]

ثم ننتقل إلى مشكلة أخرى، يقول هذا السائل: إنني أشكو من كثرة الوساوس المتعلقة بذات الله عز وجل، ويطوف بخاطري أشياء لا يمكن أن أذكرها لأنها لا تليق بالله سبحانه وتعالى ولكنها تتردد على خاطري كثيراً، وتأتيني في الصلاة وفي غير الصلاة، ولا أدري ماذا أفعل، حتى شككت في إيماني، وشككت هل أنا مسلم أم لا.

فما هو الحل؟

الجواب

نقول: إن من رحمة الله أن هيأ لنا رسوله صلى الله عليه وسلم ليعلمنا الحلول في هذه المشاكل والمواقف، وإليك -أيها الأخ المسلم- هذه الأحاديث الصحيحة التي تعالج المشاكل منها مشكلة الوساوس المتعلقة بالله عز وجل.

يقول عليه الصلاة والسلام -وهذه روايات مجتمعة ألفاظها بعضها إلى بعض سقتها إليكم-: (إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول: من خلقك؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق السماء؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: فمن خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله ورسوله، فإن ذلك يذهب عنه) وقال أيضاً: (من وجد من هذا الوسواس فليقل: آمنا بالله ورسوله، فإن ذلك يذهب عنه).

قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته) وقال صلى الله عليه وسلم: (يوشك الناس يتساءلون حتى يقول قائلهم: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ فإذا قالوا ذلك فقولوا: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً وليستعذ من الشيطان) وقال صلى الله عليه وسلم: (تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله) وقال: (تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله) فيجتمع من هذه الأحاديث السابق ذكرها ست وسائل للتغلب على وسوسة الشيطان في هذه المسألة، القضايا الفكرية أو تجوال الفكر فيما يتعلق بالله عز وجل: الوسيلة الأولى: إذا جاءك الشيطان وقال لك هذا الوسواس أو غيره فقل: آمنت بالله ورسوله، أولاً تقول: آمنت بالله ورسوله.

ثانياً: تتعوذ بالله من الشيطان، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.

ثالثاً: أن تتفل عن يسارك ثلاث مرات، هذا مشابه لما سبق أن ذكرناه عندما يوسوس خِنزب أو خُنزب أو خَنزب الشيطان المسئول عن الوسوسة في الصلاة.

رابعاً: أن ينتهي، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ولينته) وهذه مسألة مهمة، فإن كثيراً من الذين تأتيهم هذه الوساوس لا ينتهون، بل إنهم يستطردون في الأفكار الواحدة وراء الأخرى، لا ينتهي لا يشغل ذهنه بالمفيد ويطرد هذه الأفكار، بل إنه يواصل فيها، وهذه مشكلة.

خامساً: أنه يقرأ سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] فإن فيه ذكر صفات الرحمن عز وجل، فيها ذكر صفة الرحمن، ولذلك صارت تعدل ثلث القرآن، القرآن فيه قصص وأخبار وأحكام وتوحيد عقيدة وهذه صفة الرحمن مذكورة في هذه السورة فقراءتها وتدبرها والتمعن فيها كفيل بأن ينهي الوساوس من عقل هذا الشخص الذي يوسوس في هذه المسائل.

سادساً وأخيراً: أن يتفكر هذا الشخص في خلق الله أو في نعم الله ولا يفكر في ذات الله، لأنه لا يمكن أن نصل بعقولنا القاصرة أبداً إلى ذات الله، وليس عندنا إلا ما أخبرنا الله ورسوله في هذه المسألة.

هذه ست وسائل مذكورة في هذه الأحاديث تنهي مسألة الوسوسة في ذات الله.

نأتي الآن إلى بعض المسائل الأخرى، أو المسائل الفقهية.