للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السفر إلى بلاد الكفار لطلب العلم]

كذلك فإن من المصائب العظيمة في هذا الجانب: ابتعاث الناس للدراسة في الخارج في بلاد الكفار، ويقولون: هذا طلب علم، ورحلة في طلب العلم، وما هو إلا طلب الفسق والفجور وانحلال الدين والأخلاق، والسقوط في براثن أهل الكفر، والعودة بعقول ممسوخة، وقلوب خاوية، فيرجعون شخصيات أخرى، وهذا ليس بطلب علم أبداً، ولذلك فإن من الأمور المضحكة جداً أن يقال: فلان أخذ العلم الشرعي من جامعة أو شهادته من جامعة السوربون أو من جامعة أوكسفورد، بعيد وبعضهم يقول: هناك عند المستشرقين أبحاث وأشياء، فيرجع بشبهات وأخطاء، وكثير منهم الآن ابتليت بهم الجامعات في بلاد العالم الإسلامي، بل يرجعون للتدريس في الشريعة بعقول مملوءة شبهات في التاريخ الإسلامي ومطاعن في السنة النبوية، بسبب دراستهم على أيدي الكفرة والمستشرقين، يقولون: ذهبنا لطلب العلم، طلب العلم في بلاد الكفار!! وكلامنا كله في طلب العلم الشرعي، أما الذهاب لطلب الأشياء الأخرى فإنه لا يجوز، والأصل عدم جواز الذهاب إلى بلاد الكفار إلا بشروط: أولاً: أن يكون العلم مما يحتاج إليه المسلمون ولا يوجد في بلاد المسلمين.

ثانياً: أن يكون عنده علم يدفع به الشبهات، وعقل يدفع به الشهوات، من أجل أن يجوز له السفر.

ثالثاً: لا بد أن يراعي الإنسان الغربة، فبعض الشباب قد لا يتحمل الغربة، وربما ينشغل بأهله وأولاده، كان في البلد عنده أهل زوجته، يضع أهله وأولاده عندهم ويذهب هو يحضر حلقة أو يدرس أو يقرأ فعندما يذهب إلى بلد يتغرب ويقول: لأطلب العلم، ليس هناك أهلها ولا أقرباؤها ولا جيران تعرفهم مثل السابق، ولذلك ينشغل بهم، لأنهم يشغلون رأسه لا بد نذهب ولا بد نخرج ولا بد نفعل، كل شيء هو لا بد أن يفعله، بخلاف ما لو كان في بلده كان ربما ساعده من أقربائه وأقربائها في أمور كثيرة، لذلك لا بد من دراسة الأمور بشكل جدي.

وعلى أية حال أعود وأقول: أيها الإخوة إن بعض الناس يندفعون بحماس في قضية السفر لطلب العلم دون تقديرٍ للثغرة التي يتركها، أو الجو الذي سيذهب إليه، وقد يترك مسئوليات شرعية، وفروض كفاية هو قائم بها، لا يجوز له تركها، وليس هناك من يسدها وراءه، وإنما يتركها ويذهب، ولذلك نعود ونقول: لا بد من استشارة أهل الخبرة وأولي الألباب، والناس الذين يحبون العلم، لا نقول: استشر أناساً يكرهون العلم، لا ينصحوك والله! وإنما استشر أناساً يحبون العلم الشرعي العلم الشرعي هو منهجهم.

كذلك أحياناً قد يكون الطالب في بلد يُستغرب أن يترك البلد، قد يكون في بلد فيه جامعات شرعية علماء ومشايخ في كل الفروع والفنون: في العقيدة والفقه والحديث والأصول والفرائض واللغة، فهذا يرحل لأي شيء؟ نعم قد يوجد بعض طلبة العلم المتقدمين جداً، ربما يوجد شيخ في شنقيط لم يلقه بعد، فهو يريد أن يسافر إليه ربما يجد عنده شيئاً، لكن بعد أن حصَّل العلم القريب.