للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتب يُنصح بها طالب العلم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فهذه فرصة طيبة أن نلتقي معاً في هذا المكان، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا على طاعة وخير، وأن يجعل تفرقنا بعده على مغفرة وبر، ونسأله سبحانه وتعالى ألا يجعل فينا شقياً ولا محروماً من الأجر.

موضوعنا في هذه الليلة كما تعلمون الحلقة الثانية من شكاوى وحلول، أو مشكلات وحلول، وسوف نتطرق هذه الليلة -إن شاء الله- إلى بعض المشكلات أو الشكاوى التي اشتكى منها أو يشتكي منها بعض الإخوة ولعلنا نجيب إجابةً مقنعة ووافية -إن شاء الله- على هذه المشكلات والتساؤلات، وأيضاً يوجد لدينا بعض الأسئلة المتراكمة لمحاضراتٍ ماضية نريد قراءة الإجابة عليها.

السؤال

إن في نيتي البداية في الإقبال على الكتب الإسلامية بالذات، فكيف أبدأ، خاصةً وأنني أرغب تأسيس نفسي تأسيساً متنوعاً، أي: في علوم الإسلام مثل: التفسير والحديث والفقه والسير.

فبماذا تنصحون؟

الجواب

كثرت الكتب الإسلامية في الساحة، وصرت تدخل معارض الكتاب فتحتار ماذا تشتري، ومن كثرة الكتب يصاب بعض الناس بهيبة في القراءة فلا يقرءون، أو أنهم يتهيبون من هذه الكثرة فيقعون في حيرةٍ واضطراب.

والحقيقة أيها الإخوة: أن الإنسان لا بد أن يسأل مجرباً قد قرأ في هذه الكتب، وأكبر المجربين هم علماء الإسلام الذين بينوا فوائد بعض الكتب، وشرحوا مزاياها، وكذلك يعرف قدر الكتاب بالآتي: أولاً: من ثناء العلماء عليه.

ثانياً: من استفاضة خبره بين المخلصين أنه كتاب جيد، وعموم النفع به، وانطلاق ألسنة المخلصين بالثناء عليه وعلى محتواه، أو من شهرة مؤلفه بالخير والوعي والعمق في معالجة المشكلات.

ومن تجربة الإنسان الشخصية أيضاً فإنه يقرأ ثم يتبين له الغث من السمين والرطب من اليابس.

وهذه مجموعة من الكتب المقترحة في كل فنٍ من الفنون ليجمعها طالب العلم ويقرأ بها على فترات بحسب نشاطه وإقباله: ففي التفسير مثلاً: يقرأ المبتدئ في كتاب: زبدة التفسير من فتح القدير؛ الكتاب الأصلي للشوكاني، والاختصار للأشقر، وهذا كتاب مختصر جداً مجلد واحد، يجمع الكلمة إلى معناها مع شيء بسيط في أسباب النزول، وفوائد أخرى، فإذا أراد أن يتوسع أكثر فإنه يقرأ مثلاً في تفسير العلامة الجليل عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله؛ فإنه كتاب وافٍ وواسع، ولكنه ليس فيه الأسانيد التي يمل منها بعض الناس، وإنما الكلام متصل في شرح الآيات بأسلوب مبسط.

وإذا أراد أعلى من ذلك فإنه يقرأ في تفسير العلامة ابن كثير رحمه الله؛ وهو قد يكون أجل مصنفٍ في التفسير، ولاقى قبولاً في هذه الأمة من المتقدمين والمتأخرين من بعد كتابته، وهو تفسير سلفي يمتاز بشرح آيات الكتاب العزيز وفقاً لمنهج أهل السنة والجماعة، وهو تفسيرٌ أثريٌ يمتاز بإيراد الأحاديث والآثار عند تفسير الآية، وأظن بأنه أجود من كل المختصرات التي اختصرته، ولذلك إذا وجد الإنسان طاقةً في قراءته فلا يعدل إلى غيره مع استصحاب كتاب سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن؛ وهو كتاب مهم في بيان التصورات الإسلامية المأخوذة من الآيات مع عرض لبعض المشكلات العصرية على ضوء القرآن الكريم، وكون وجود بعض الملاحظات فيه لا يحط أبداً من شأنه العظيم، ولا يستغني عنه أبداً مسلم يعيش في هذا العصر بالذات.

وفي الحديث: لا بد أن يقرأ المبتدئ في كتب الأذكار التي جمعت الأحاديث التي تتكلم عن وظائف اليوم والليلة، مثل كتاب: صحيح الكلم الطيب، ويحفظ هذه الأحاديث الموجودة في هذه الأبواب، أو كتاب: عمل المسلم في اليوم والليلة بشكل أوسع، وكذلك كتاب: صحيح الترغيب والترهيب، وكتاب: رياض الصالحين؛ فإنه كتاب عظيم، والناس عندهم مشكلة وهي أنهم ينظرون بعين النقص إلى بعض الكتب؛ لأنها منتشرة جداً ومع أن الكتاب مهم ولو أنه منتشر جداً، بل إن انتشاره الكبير في كثير من الأحيان يدل على جودته، وإقبال الناس عليه يدل على شيء مما وضع الله لمصنفه من القبول في الأرض، وهذا كتاب: رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله، ولو تيسر أن يقرأ طالب العلم مختصر صحيح البخاري للإمام الزبيدي رحمه الله ومختصر صحيح مسلم للإمام المنذري رحمه الله مع شرحٍ مبسط على الأقل للكلمات الصعبة فإنه قد يكون مر على طائفة ضخمة من الأحاديث ويستفيد فائدة كبيرة من القراءة في هذه الكتب.

وإذا احتاج إلى معرفة صحة الأحاديث من ضعفها فإن العلماء قد صنفوا في بيان الأحاديث المشتهرة على الألسنة مصنفات كثيرة، وكذلك صنف العلامة الألباني حفظه الله تعالى مجموعة هامة جداً من الكتب في هذا الباب؛ منها كتاب: السلسلة الصحيحة، والسلسلة الضعيفة، وإرواء الغليل، وصحيح الجامع، وضعيف الجامع الصغير، وصحاح السنن الأربعة التي عزلها، وهذا لا يعني أن طالب العلم لا يقرأ في الكتب الأصلية كالكتب الستة، ولكن عند الحاجة لمعرفة صحة الحديث وكثير من طلبة العلم ليست لديه المقدرة على أن يميز بنفسه في الأسانيد ويحكم بنفسه فلا بد أن يلجأ لمثل هذه الكتب.

وبالنسبة للكتب في مجال العقيدة فهناك كتب مبسطة مثل: شرح لمعة الاعتقاد للشيخ محمد بن صالح العثيمين، وأعلام السنة المنشورة للحكمي رحمه الله تعالى؛ وهو كتاب نفيس، وقد صدر في طبعة محققة، وشرح العقيدة الواسطية بهوامش للشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ ابن سعدي وغيرهم، وشرحها كذلك للشيخ الفوزان حفظه الله، وكتاب فتح المجيد؛ وهو كتاب مهم جداً في العقيدة، وهو للعلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، وسلسلة عمر الأشقر حفظه الله في العقيدة؛ وهي سلسلة موسعة ومبسطة في نفس الوقت وهي مهمة جداً، ويقرأ طالب العلم القواعد المثلى في الأسماء والصفات للشيخ ابن عثيمين، وشرح العقيدة الطحاوية، وكتاب: معارج القبول للحكمي والمنهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى؛ هذه بعض الكتب المتعلقة بالعقيدة.

وفي الفقه: فإن كتاب مثل: الروضة الندية للعلامة صديق حسن خان، وسبل السلام للعلامة الصنعاني، ونيل الأوطار للعلامة الشوكاني، وزاد المعاد لـ ابن القيم رحمه الله، والجمع بين منار السبيل لـ ابن ضويان، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل هو أيضاً خطوة جيدة وموفقة -إن شاء الله- في دراسة الفقه، بالإضافة إلى كتاب فقه السنة مع تمام المنة في التعليق عليه، وإذا أراد التوسع فيلجأ لمثل كتاب المغني لـ ابن قدامة رحمه الله، والمجموع في شرح المهذب، ولـ ابن قدامة رحمه الله سلسلة مهمة مثل كتاب: العدة، والكافي، ثم المغني.

وفي مجال الأخلاق وتزكية النفس: فإن القراءة في مثل كتاب تهذيب موعظة المؤمنين، والجواب الكافي لـ ابن القيم رحمه الله، والفوائد له أيضاً، وتهذيب مدارج السالكين؛ من الأمور النافعة.

وفي أصول التفسير: رسالة مبسطة للشيخ محمد بن صالح العثيمين، ورسالة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

وفي علوم القرآن: لو أخذ فضائل القرآن لـ محمد موسى نصر، والصحيح المسند للوادعي، وعلوم القرآن للصباغ والقطان والزرقاني ثلاثة كتب، والتفسير والمفسرون للذهبي، ومنهج المدرسة العقلية للرومي، واتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر له أيضاً؛ فإنه يكون قد ألم بطائفة جيدة من علوم القرآن.

وهناك كتب موسعة: مثل كتاب البرهان للزركشي رحمه الله.

وفي علوم الحديث والمصطلح: لو قرأ نخبة الفكر مع شروحها، والسنة ومكانتها في التشريع للسباعي رحمه الله، وقواعد التحديث للقاسمي؛ فإنه أيضاً قد يكون أخذ بطائفة جيدة من المصطلح.

وفي أصول الفقه: لو قرأ في كتاب الأصول من علم الأصول للشيخ ابن عثيمين، والواضح في أصول الفقه للأشقر، والبدعة للهلالي من الكتب المبسطة، ولو أراد التوسع بعد ذلك فيقرأ مثل كتاب الاعتصام للشاطبي رحمه الله، وروضة الناظر لـ ابن قدامة رحمه الله.

وفي السير والتراجم وهي مسألة مهمة، وعنوان مهم جداً ليربط المسلم ماضيه بحاضره فإنه لو قرأ في السيرة النبوية لـ ابن كثير؛ وهي جزء من البداية والنهاية، والرحيق المختوم