للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النصيحة بين التلميح والتصريح]

إن من الحكمة أن تكون النصيحة بأسلوب التلميح وليس بأسلوب التصريح، فأسلوب التلميح من الأساليب الناجحة إذا أحسن استخدامه، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يستخدم هذا الأسلوب، وكان يقول مثلاً: (ما بال أقوامٍ يفعلون كذا وكذا) لم يكن يصرح بأسمائهم، والشخص يعرف بينه وبين نفسه وهو يقارن الكلام المعروض أنه من هذا النوع أم لا، أم أنه مقصود بالكلام أم لا، "ما بال أقوام" من الأساليب المهمة في النصيحة التي فيها تلافٍ كبير لقضية التشهير والتجريح، أو التأثر السلبي من أصحاب النفوس المفرطة في الحساسية.

وقد يكون التلميح استعماله خاطئ عندما لا يفهم الشخص الآخر ماذا تقصد، فبعض الناس يلمح ويستخدم شطارته في التلميح، ولكن هذا التلميح يؤدي إلى عدم وضوح الفكرة أبداً عند الشخص المنصوح، لا يفهم ماذا تقصد من كثرة التلميحات صارت النصيحة عبارة عن ألغاز ومعميات لا يمكن فكها ولا حلها ولا فهم المقصود منها، فإذاً لكل ميدان رجال، ولكل مقام مقال، فلا بد من استخدام التلميح لأنه أسلوب جيد في بعض الأحيان، لكن إذا كان الشخص لم يفهم من التلميح، فهنا ينبغي المصير إلى التصريح الذي يوضح القضية؛ لأنه ما فهم ولا تلقى الفكرة ولا وصلت مداركه إلى فهم المغزى، فلذلك يكون استخدام التصريح في هذه الحالة بأسلوبه الشرعي وحدوده وآدابه الإسلامية من الأمور المفيدة.

والإكثار من التلميح قد يكون ذو سلبية في بعض الأحيان، فمثلاً تجد في بعض المجالس ناصح يقول: بعض الناس يفعلون كذا، وبعض الناس كذا، وبعض الناس كذا، هذه طريقة ليست ناجحة دائماً، بل إنها قد تسبب كراهية للناصح؛ لأنها عبارة عن لمز من طريق خفي، إذا تكررت تصبح إيذاءً، والمنصوح يشعر بأنك تغمزه بنوع من الإيذاء، ففي هذه الحالة لا يكون من الحكمة في النصيحة استخدام نقطة بعض الناس وبعض الناس، كما يفعل البعض.