للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحث على حمد الله وشكره في كل وقت]

الحمد لله على كل حال، والصلاة والسلام على محمد والآل، وأشهد أن لا إله إلا الله هو الحميد وهو المحمود سبحانه وتعالى، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان.

أيها المسلمون: لا تغفلوا عن حمد الله، واذكروه سبحانه وتعالى دائماً: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة:١٥٢].

الحمد لله على كل حال، فهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا قوله: (الحمد لله على كل حال) وقد حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل من بني إسرائيل قال: (لأتصدقن الليلة بصدقة، فأخرج صدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على سارق، فلما سمع الرجل وعلم قال: اللهم لك الحمد على سارق، لأتصدقن الليلة بصدقة، لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني فقال: اللهم لك الحمد على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتي الرجل).

قال العلماء: أتي في المنام وهذه من الرؤى الصالحة، فقيل له: (أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله) رواه الإمام البخاري رحمه الله.

لما فوض الرجل ورضي بقضاء الله، وقال: اللهم لك الحمد، لأنه يحمد الله عز وجل على كل حال، فجعل الله لهذه الصدقات الثلاث ثواباً عظيماً، والأمور بالظواهر والله يتولى السرائر، ونية المتصدق تنفعه ولو وقعت في غير موقعها، وهذا يدل على فضل صدقة السر، وبركة التسليم لأمر الله.

والحمد لله على كل حال حتى على المكروهات، وهذه صفة المؤمنين التي لا تكون للذين يبغضون القضاء ويعترضون عليه، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى يكافئ الراضي بقضائه الحامد له على قضائه وقدره مكافأة عظيمة، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم.

فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم.

فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع -حمدك: أي قال: الحمد لله على كل حال، إنا لله وإنا إليه راجعون- فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسموه بيت الحمد).

فالحمد لله أولاً وأخيراً، والحمد لله ظاهراً وباطناً، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، والحمد لله عدد ما في السماوات وما في الأرض، والحمد لله على كل حال، ما أصابنا من نعمة فالحمد لله، وما أصابنا من نقمة وبلية وعذاب فالحمد لله، الحمد لله على ما أصاب إخواننا المسلمين في أنحاء العالم، والحمد لله على كل مصيبة وقعت بنا، ونحتسب أجرها عند الله، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، الحمد لله على كل حال، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

فهذه العبادة العظيمة التي نحن عنها غافلون ينبغي أن نتيقظ لها يا عباد الله! اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الذاكرين الله كثيراً، اللهم اجعلنا من الذاكرين لك كثيراً، واجعلنا لك شاكرين لك عابدين إليك تائبين إليك أواهين منيبين، اللهم لا تسلبنا النعمة، اللهم إنا نعوذ بك من تحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم ارفع الظلم عنا وعن المسلمين، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً.

اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا نسألك أن تنزل علينا غيثاً مغيثاً، اللهم اجعله بلاغاً لنا إلى كل خير، اللهم إنا نسألك أن تصلح شأننا كله، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.