للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين الموجدة والحقد]

لكن ما هو الفرق بين الموجدة وبين الحقد؟ ذكر ابن القيم رحمه الله في آخر كتاب الروح في مباحث الفروق، الفرق بين الموجدة والحقد، فقال من الفروق: الأول: الموجدة: الإحساس بمؤلم والعلم به وتحرك النفس في رفعه، فإذا لم تتألم لتصرف يغضبك فليس عندك إحساس، وطبيعي أن تتألم.

أما الحقد فهو إضمار الشر وتوقعه في كل وقت، فلا يزايل القلب أثره.

الثاني: الموجدة سريعة الزوال والحقد بطيء الزوال لا يكاد يزول.

الثالث: والحقد لما يناله منك، أما الموجدة لما ينالك أنت منه.

الرابع: والحقد يجيء مع ضيق القلب، واستيلاء ظلمة النفس ودخانها على القلب، وأما الموجدة تجد الإنسان يجرح ويتألم مع قوة قلبه وصلابته ونوره وإحساسه.

الخامس: أكثر الفروق وضوحاً: أن الموجدة تأتي في النفس بأثر ثم يزول بسرعة، الحقد أثره يتفاعل ويزيد ويستقر في القلب، هذا الحقد.

هنا قد يطرح سؤال، وهو: هل يوجد حقد شرعي؟

الجواب

إن تغير نفس المسلم واحتداده عند رؤية منكر أمر مطلوب، وهناك حقد شرعي أيضاً مطلوب من المسلم، أما بالنسبة لتغير النفس والاحتداد عند رؤية المنكر فله شواهد كثيرة، ومن ذلك: ما جاء في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد) النخامة والنخاعة إحداهما تنزل من الرأس والثانية تخرج من الصدر، هذا الفرق بين النخامة والنخاعة، ومنه البلغم (رأى نخامة النبي عليه الصلاة والسلام في قبلة المسجد، فتغيظ عليه الصلاة والسلام وقال: إن الله قِبل أحدكم) يعني في الصلاة، الله ينصب وجهه إلى وجه عبده، (فإذا كان في صلاته فلا يبزقن، أو قال فلا يتنخمن، ثم نزل فحتها بيديه) أزالها عليه الصلاة والسلام بيده الشريفة، هذا تواضع منه صلى الله عليه وسلم في إزالة الأوساخ من المسجد، وهذا فيه دليل على إزالة الأوساخ من المسجد، فحتها بيديه.

وقال ابن عمر رضي الله عنه: [إذا بزق أحدكم فليبزق عن يساره] إذاً لو إنسان احتاج البصاق في الصلاة يبصق عن يساره لا عن يمينه لأن عن يمينه ملكاً، ولا يبصق أمامه لأن الله ينصب وجهه لوجه عبده في الصلاة، (من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه) كما ورد في الحديث الصحيح.