للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مجال الحكم والتشريع]

وهو من المجالات الخطيرة جداً ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (لينقضن الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة يتشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة).

هذا المبدأ، مبدأ الحكم والتشريع، كان له نصيب وافر من دخول الأفكار الغربية إلى بلدان المسلمين، لما أسقطت الخلافة العثمانية الإسلامية وقع المسلمون في صدمة نتيجة إلغاء كمال أتاتورك لهذه الخلافة، وفي أثناء الصدمة ظهر رجل أزهري مع الأسف -كان له فضل كما يقول المستشرق شمدز - في تخفيف وطأة ما فعله أتاتورك على مشاعر المسلمين، وذلك الرجل هو: علي عبد الرازق صاحب كتاب الإسلام وأصول الحكم وهو من أخبث ما كتب في هذا الموضوع، لأنه كان من أوائله، وقد جمع في كتابه بين أسلوب المستشرقين في تحوير الفكرة وبين طريقة الباطنية ليصل في النهاية إلى نتيجة أن الإسلام كالمسيحية المحرفة، علاقة روحية يبن العبد والرب لا صلة لها بالواقع أبداً، هذه خلاصة كتاب الإسلام وأصول الحكم.

والغريب أن هذا الشخص لم يحصل على مراجع معتبرة، وإنما ستندهش أنت عندما تسمع مراجعه عندما يقول: وإذا أردت مزيداً في البحث فارجع إلى كتاب الخلافة، من هو مؤلف كتاب الخلافة؟ يقول: فارجع إلى كتاب الخلافة للعلامة السير تومس أرنولد ففي الباب الثاني والثالث منه بيان ممتع ومقنع، هذا مرجع علي عبد الرازق الذي يريدنا أن نتوسع فيه!! ومن الآثار السيئة لهذا الكتاب الإسلام وأصول الحكم وهو فصل الدين عن الحياة: أن الأحزاب العلمانية الكفرية في مصر وجدت مستنداً وقاعدة لها في القيام وإعلان مبادئها الإلحادية بعد أن كانت تتستر من قبل، فعندما وجدت هناك من ينادي بأن الدين شيء والحياة شيء، قامت هذه الأحزاب الكفرية وأعلنت عن برامجها الإلحادية، وعن براءتها من الدين والمتدينين، وفيما كانت مصر مؤهلة لقيادة العالم الإسلامي من جديد، وكان الاستعمار أو الاستخراب يلم شعثه لمغادرتها ثارت زوبعة حول صلة الإسلام بالحكم تزعمها كاتب نصراني آخر أو كتاب بالأحرى أمثال: سلامة موسى ولويس عوض وأناس يدعون إلى الإسلام، ومن بين هؤلاء الناس خالد محمد خالد في كتابه: من هنا نبدأ، كان من الذين تورطوا في قضية الدعوة لفصل الإسلام عن الحياة، وقد رد عليه، حيث استخدم فيه أسلوباً ذكياً وماكراً، وبعض الناس مخدوعون بكتابه رجال حول الرسول.

صحيح أن هذا الرجل قد يكون تاب من أفكار كثيرة بل قد يكون بعض الذين نمر بأسمائهم تراجعوا عن أشياء ولكن نحن نعلم هذه قاعدة مهمة جداً: أن التوبة الصحيحة لصاحب الفكر الهدام أن يعلن علناً عن تراجعه عن أفكاره، وليس أن يتراجع فيما بينه وبين نفسه ويقول: لقد تبت، كما أنه سمم عقولاً من خلال كتاباته فيجب أن يعيد الآن ويصحح ويعلن توبته من المبادئ السابقة، لا يكفي أن يقول بينه وبين نفسه: أنا تبت وأنا رجعت، ولذلك نحن نبقى على إدانتهم بكتبهم حتى يظهر لنا منهم تراجع واضح عن كتاباتهم السابقة.

وكذلك ما يدعى بالشيخ عبد المتعالي الصعيدي يحاول هدم الحدود الإسلامية، مثل حد الردة والقتل والزنا والخمر، لماذا؟ يقول: هذه أوامر للاستحباب وليست للوجوب، هذا مستنده، ثم يصل في النهاية يقول: ولذلك الحدود ليست مسألة مهمة وليس هناك ما يجبرنا على إقامتها.