للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عظم توكل أم موسى وتفويض أمرها إلى الله]

هنا مسألة مهمة: التوكل على الله واليقين بالله، هذه من الأشياء الأساسية التي ينبغي أن تتوفر في شخصية المرأة المسلمة، الآن أسألكن أيتها الأخوات عندما تخشى المرأة على ولدها عادة ماذا تفعل به؟ إنها قد تهرب به وتخبئه في مكان آمن، لكن يقول الله لأم موسى {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} [القصص:٧] سبحان الله! يأمرها بأمر بعكس ما هو جار في الأسباب العادية، إلقاء الولد في البحر شيء خطير، لأنه يتعرض للغرق، ولكن الله له إرادة وحكمة ومشيئة سبحانه وتعالى، وهو {خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:٦٤]، ولذلك أمرها بأن تفعل ما هو عادة من أسباب الهلاك وهو إلقاء الولد في البحر، ولكن الله يريد بحكمته أن إلقاء موسى سيذهب به إلى بيت الطاغية فرعون ليتربى في ذلك البيت ويكبر، ويحصل ما كان يخشى منه فرعون، ويكون موسى الذي تربى في بيت فرعون هلاك فرعون على يديه، ولذلك فإن أم موسى عندها يقين بالله، هذا هو الدرس: اليقين بالله سبحانه، عندما نتأكد أن الله أمرنا بأمرٍ فإننا ننفذ ونعلم أنه لن يضيعنا سبحانه وتعالى، وخافت فعلاً أم موسى لما جاء جنود فرعون يطلبون أبناء بني إسرائيل يقتلونهم، فألقت ولدها في النهر، فماذا قال الله؟ أمرها بأمرين: {أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص:٧] و {أَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} [القصص:٧]، ونهاها نهيين: {َلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي} [القصص:٧]، وبشرها بشارتين: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ} [القصص:٧] هذه البشارة الأولى، والثانية: {وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:٧] ولذلك فإنها ألقته، ولكن الأم قلبها يبقى قلب أم؛ ولذلك: {أَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} [القصص:١٠] أوشكت أن تظهر أمره: {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص:١٠].

فاعلمي أيتها المرأة أن الله سبحانه وتعالى إذا ربط على قلبك واستعنت به فإنه يعطيك قوة ورباطة جأش، وزيادة ثبات، والثبات من الله ونحن لا نستطيع أن نثبت أنفسنا بأنفسنا، ولكن نسأل الله الثبات لكي يثبتنا.