للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحجاب ليس عقبة]

والآن إلى مقالة بعنوان: "الحجاب ليس عقبة" هي فتاة أميركية يميزها الحجاب الشرعي الذي ترتديه، وكذلك حرصها على حضور الحلقات التي تعقد في مسجد المدينة الأمريكية التي تقطنها باستمرار، تستعير كتباً دينية من مكتبة المسجد، فهي حريصة على العلم، وكم تتمنى أن تدرس في كلية الشريعة، كيف أسلمت؟ وما حالها قبل الإسلام وبعده؟ نقرأ سوياً ما تقوله أختنا المسلمة ليزبت التي أسلمت بعد ذلك.

تقول: نشأت في بيئة نصرانية، ولكن هذه البيئة لم يكن فيها حرص على ممارسة الطقوس الدينية؛ نتيجة التفلت والضياع الذي نعيشه في أوروبا وأمريكا عموماً، ومنذ وعيت على الحياة لم أكن أرتاح إلى هذا الدين الذي أدين به وأفكر دائماً بموضوع صلب المسيح، وكذا التثليث -وهنا آخذكِ في منعطفٍ لتستمعي إلى هذه الطرفة- جاء أحد المبشرين إلى قرية إسلامية، فألقى عليهم محاضرات التبشير والنصرانية والمسيح، ويصلي للمسيح، وقدرة المسيح ونحو ذلك وفقرات من الإنجيل المحرف، وأخبرهم أن المسيح صلب وقتل، وأنه بقي معلقاً على الصليب المصلوب عليه فترة ثلاثة أيام، ثم قام ودخل في السماء، ونحو ذلك من الخرافات والهراء الذي يقولونه، والله عز وجل قال: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:١٥٧].

ألقي الشبه على أحد الخونة فظنوه عيسى فأخذوه وصلبوه وقتلوه، أما عيسى الحقيقي فإن الله قد رفعه إلى السماء وأنقذه من بين أيديهم، هذه عقيدتنا في عيسى، وأنه عبد كريم نبي من أولي العزم من الرسل، وإنه لم يمت وإنما سينزل في آخر الزمان، وقد آن الأوان وقرب الوقت -والله المستعان- لفساد الزمان، فينزل عيسى، ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ولا يقبل من الكفرة إلا الإسلام أو القتل.

وبعد نهاية المحاضرة قال له أحد الفلاحين البسطاء من المسلمين: يا أيها القسيس! أنت تقول: إن المسيح كان يتنقل من الناصرة إلى القدس وغيرها على الحمار ثم أخذوه وصلبوه على الصليب، هل كان عيسى على الصليب مرتاحاً لما كان مربوطاً عليه على تلك الخشبة القاسية ثلاثة أيام، قبل القتل صلبوه على هذه الخشبة التي على شكل الصليب كان مرتاحاً عليها أو لا؟ فقال القسيس: لا.

ما كان مرتاحاً عليها؛ لأنها خشبة صلبة، وهو مربوط عليها هذه الفترة.

فقال الفلاح المسلم: الحمار الذي كان يتنقل عليه المسيح كان يرتاح عليه أو ما كان يرتاح عليه؟ فقال: كان مريحاً.

فقال الفلاح المسلم: فلماذا لا نعبد الحمار بدلاً من أن نعبد الصليب وقد كان الصليب يؤلم عيسى والحمار يريح عيسى، فبهت الذي كفر وأسقط في يده.

فعلاً إنهم يقدسون الصليب، ويجعلونه معهم، ويقولون: نصاب بالبركة، ويصلون به، ويعلقونه في رقابهم وو إلى آخره، مع أنه كان مؤلماً لعيسى كما يقولون، وكان مربوطاً عليه، فينبغي كرهه ونبذه، وليس أن يأخذوه ويجعلوه سبب البركة، فما أقبح تلك العقول! وأقبح تلك الأفكار! على أية حالة تقول هذه المرأة التي كان اسمها ليزبت سابقاً: كنت دائماً أفكر في صلب المسيح، وكذلك التثليث في أن هذا الكلام لا يعقل، وكيف أن الإنسان يعمل الجرائم المختلفة، ولمجرد الإيمان بالمسيح يدخل الجنة، أليس هناك فروض وواجبات يتحتم على النصارى اتباعها؟ هذه الأسئلة جعلتني أشعر بالضياع، فجعلت أبحث عن دين آخر أجد فيه الراحة، أخذت أسأل كل شخص عن دينه لأعرف مبادئه وتعاليمه، وكلما رأيت إنساناً سألته عن دينه، فرأيت عدة من المسلمين سألتهم عن الإسلام، ثم إن بعض المسلمين دلوني على القرآن الكريم المترجم، فقرأت ثلثه؛ فوجدت فيه الراحة التامة، وأصبحت أحرص على تأدية الصلاة، وأذهب يوم الجمعة إلى مسجد المركز الإسلامي الموجود في منطقتنا، وامتنعت عن أكل لحم الخنزير وأنا لم أسلم بعد، ولكن أجرب الشعائر هذه في هذا الدين، وفي يوم من الأيام ذهبت لوليمة كان فيها بعض المسلمين في مكان، وزوجاتهم أيضاً في مكان، فسئلت: هل أنت مسلمة؟ قلت: لا.

فسئلت لماذا لم أسلم بعد؟ فقلت: إنني خائفة من الحجاب، فقيل لي: تخيلي لو أنك خرجت وصار لك حادث، هل تحبين أن تكون نهايتك طيبة فتموتين وأنت مسلمة وتدخلين الجنة أم يذهب بك إلى مكان آخر؟ فأثرت فيَّ تلك الكلمة، وأسلمت بالفعل، وعندما نطقت بالشهادة وبعد عدة أيام، أقامت لي إحدى المسلمات حفلة بسيطة وقدمت لي هدية، حينما فتحتها كانت حجاباً، كنت خائفة جداً من الحجاب، شأني شأن الكثيرات من الأمريكيات وذلك أنه في نظري يسلبنا الحرية، وبعد أن اعتدنا على ارتداء ما نريد من الملابس يكون من الصعب ارتداء الحجاب، المهم ارتديت الحجاب في اليوم الثاني وذهبت به إلى الجامعة، ولم أجد أي صعوبة تذكر، فبدأت أعتاد على الأمر ووجدت فيه الراحة التي أنشدها، والآن أحاول أن أسهل أمر الحجاب على صديقة اقتنعت بالإسلام لكنها خائفة من الحجاب.

أما عن ردة فعل أبوي فإن أبي لم يبال؛ لأنه شعر بأن الأمر ليس بيده، أما أمي فهي إنسانة اعتادت على احترام آراء الآخرين وتقبلها، ولذلك فهي لم تعر إسلامي شيئاً، لكنها كانت خائفة عليَّ من الحجاب، وعندما رأت إصراري راعت شعوري، بل إنها أصبحت تشتري لي الحجاب وتهديني إياه.

ومن الطرف التي واجهتني أن ابن خالي جاء لزيارتنا ذات يوم، فأمرته والدتي أن ينتظر في حين أن تعطيني خبر قدومه حتى أضع الحجاب، وذات مرة زارنا عمي، فأسرعت لتناولني الحجاب حتى أضعه قبل أن يدخل، فضحكت وشرحت لها الأمر، وأن عمي من المحارم الذين لا يجب علي الحجاب أمامه.

وأنقلك الآن من هذه القصة المؤثرة عن حجاب المرأة الأمريكية المسلمة هذه إلى هذا المشهد، تقول إحدى النساء: ذهبت إلى بعض المستشفيات لعمل فحوصات، فلما دخلت العيادة رأيت منظراً يندى له الجبين، ويتقطع له القلب حسرة، رأيت منظر الطبيبة بنت البلد وهي تلبس البنطال والقميص، وقد أظهرت زينتها الكاملة، واستبدلت غطاء رأسها بقبعة بلاستيكية صغيرة، ولبست من الحلي ما يزينها، ولم تأبه بالرجال سواء الأطباء أو العاملين، فهل هذا منظر يرضي الله عز وجل؟ ألا يصلح أن تلبس الطبيبة النقاب والخمار بدلاً من هذا اللباس المخزي، سبحان الله! النصرانية تسلم وتتحجب وتتعود على الحجاب، والمسلمة تفسق وتعصي، وتتحلل من الحجاب، فسبحان من هدى وأضل!! امرأة أمريكية أخرى أسلمت، وسمت نفسها (فاطمة) أسلمت بسبب الحجاب، كانت تعمل على جهاز المحاسبة في إحدى المحلات، فاستوقفتها مشاهد من بعض النساء من زوجات الطلاب الذين يدرسون في الخارج، بعض النساء المحجبات، فكانت تسألهن على الجهاز عن هذا الحجاب، ولماذا هذا الحجاب؟ وما هذا الدين الذي يلزمكم به؟ وما هي تفاصيله تقول: اشتد شوقي للحجاب على الرغم من صعوبته، وحينما عدت للبيت أخذت قطعة قماش ووضعتها على رأسي، ولبست ملابس ذات أكمام طويلة فأعجبني شكلها، وخرجت بها في اليوم التالي إلى مركز إسلامي قريب؛ بحثاً عن مراجع عن الإسلام؛ فأخذتها وتفرغت لقراءتها، فتأثرت، ثم ذهبت إلى المركز مرة أخرى وأعلنت إسلامي هناك.

إذاً: الحجاب سبب لهداية بعض الكافرات، الحجاب هو دعوة عملية، فما أكثر أجر التي تتحجب فتكون قدوة لغيرها، عندما تلبس الجوارب التي تستر القدمين، والقفازات التي تستر الكفين، والغطاء السميك الذي يستر الوجه، إنها فعلاً دعوة صامتة للغيرة، وكم من الأجر يكون لهذه المرأة.