للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المحرمات بسبب المصاهرة]

ثم ننتقل إلى صنف آخر مذكور في الآية، وهو سبب آخر غير الرضاع يسبب التحريم، ألا وهو: المصاهرة:- والمصاهرة: أن تتزوج امرأة من عائلة -مثلاً- فتنشأ علاقة المصاهرة، فتكون أم الزوجة محرمة عليك، بأي شيء؟ بالمصاهرة، قال الله سبحانه وتعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء:٢٣].

- فمن تزوج امرأة حَرُم عليه كل أمٍّ لها، من النسب أو من الرضاعة، قريبة أو بعيدة، بمجرد العقد على الراجح، فلو أنك عقَدْت على امرأة، فإن أمها محرمة عليك ولو لم تدخل عليها، بمجرد أن عقدت على امرأة حَرُمَت عليك أمُّها.

- ولو طلقت هذه الزوجة، فإن أمها تبقى محرمة عليك.

- وإذا كانت زوجتك لها أم أرضعتها، فإنها تحرم عليك {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء:٢٣].

- وجدة زوجتك تحرم عليك، ولك أن تكشف عليها.

ثم قال الله سبحانه وتعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء:٢٣].

إذا تزوجتَ امرأة ودخلت بها، وعندها بنات من رجل سابق، فإنهن يحرمن عليك، وهؤلاء البنات يسمَّين بالربائب؛ فالربيبة هذه تحرم عليك إذا دخلتَ بأمها.

فكل بنت لزوجتك من نسب أو رضاع، قريبة أو بعيدة، وارثة أو غير وارثة، إذا دخلتَ بأمها حَرُمت عليك، سواءً كانت في حجرك أو لم تكن في حجرك.

- وهنا

السؤال

تزوجتَ امرأة وعندها بنت أرضَعَتْها، فهل تحرم عليك؟ نعم، تحرم عليك.

- سؤال آخر: تزوجتَ امرأة وعندها بنت؛ لكن ليست مقيمة عندك في حجرك تربيها، ما زالت موجودة في بيت آخر، فهل تَحْرم عليك إذا دخلت بأمها؟ نعم.

وماذا تقولون في قول الله سبحانه وتعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء:٢٣] ما هو مفهوم هذه الآية؟ مفهوم الآية: أنها إذا لم تكن في حجرك فلا تحرم عليك، لكن هل هذا المفهوم يُعْمَل به؟ لا يعمل به؛ لأن هذا القيد {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء:٢٣] خرج مخرج الغالب، ولم يخرج مخرج الشرط، فإن الغالب إذا تزوجت امرأة وعندها بنات، أنك ستضم بناتها معك، فيَكُنَّ في حجرك، فإذًا: هذا خرج مخرج الغالب، وليس شرطاً، ولذلك لا يعمل بمفهومها؛ ولأن ما خرج مخرج الغالب لا يصح التمسك بمفهومه كما يقول الأصوليون، هذه قاعدة أصولية: ما خرج مخرج الغالب لا يصح التمسك بمفهومه، وهذه الآية قد خرجت مخرج الغالب: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء:٢٣].

فالخلاصة: سواء أكانت بنت زوجتك في حجرك، أو لم تكن في حجرك؛ فهي محرمة عليك إذا دخلت بأمها.

ثم قال الله سبحانه وتعالى: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء:٢٣].

والحليلة هي الزوجة.

- فزوجات الأبناء محرمات على الأب، زوجة ابنك محرمة عليك.

- وكذلك زوجة حفيدك محرمة، وإن نزلنَ.

وقوله: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء:٢٣] أخرج الولد المُتَبَنَّى على عادة الجاهلية، وقيده بالولد بالصلب.

إلى الآن ذكرنا ثلاثة أنواع من بالمصاهرة في الآية: - أم الزوجة.

- وبنت الزوجة إذا دخلت بالزوجة.

- وزوجة الابن.

بقيت واحدة من المحرمات بالصهر لم تذكر في الآية وهي: زوجة الأب وقد ذكرت في الآية التي قبلها.

ولذلك ما بعد هذه الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:٢٤] أي: كل امرأة محصنة عفيفة، لا يجوز لك أن تكشف عليها، إلا إذا تزوجتها بعقد صحيح.

فزوجة الأب من المحرمات.

- وزوجة الجد إذا كان عند جدك زوجتان، واحدة منهن جدتك، والثانية زوجة أخرى، فهل هي محرمة عليك؟ نعم، فزوجة جدك محرمة عليك أيضاً.

والدليل على تحريم زوجة الأب قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:٢٢] فزوجات الآباء محرمات على الأبناء؛ تكرمة للآباء، وإعظاماً للآباء، واحتراماً للآباء، أن يطأها ابنه من بعده، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام لما وصله خبر أن رجلاً قد نكح امرأة أبيه، أرسل رجلاً من صحابته ليقيم عليه الحد، وهو القتل، فمن تزوج بزوجة أبيه وهو عالم، فإنه يُقْتَل.

ولا بأس أن نعيد الأربعة الأصناف المحرمة بالمصاهرة: - أم الزوجة.

- وبنت الزوجة من غيرك إذا دخلت بالزوجة.

- وزوجة الابن.

- وزوجة الأب.

هؤلاء كلهن محرمات بالمصاهرة.