للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحلف لا يجوز إلا بالله تعالى أو أسمائه وصفاته]

واعلموا -أيها الإخوة- أنه لا يجوز الحلف إلا بالله وصفاته، فإذا حلفت بالله أو بعلم الله أو قدرة الله أو عزة الله أو عهد الله تعالى لأن العهد من كلامه عز وجل، قال الله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس:٦٠] أو حلفت بآيات الله تعالى؛ فإن الحلف بها جائز؛ لأن آيات الله هي كلامه، والكلام صفة من صفاته، والحلف بالله أو بصفاته جائز، أما الحلف بالمخلوقات فإنه لا يجوز مطلقاً، كالحلف بالكعبة مثلاً، أو الحلف بالأب، أو الحلف بالأمانة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من حلف بالأمانة فليس منا) حديث صحيح.

كثير من الناس اليوم تجده يقول: والأمانة، وأختم بأمانتي، أو وأقسم بالأمانة أنه كذا، يقول عليه الصلاة السلام: (من حلف بالأمانة فليس منا) وبعض الناس تتطور بهم أمور خطيرة تؤدي إلى الشرك والعياذ بالله، عندما تجد أحدهم يقسم بالولي الفلاني أو العبد الفلاني، وهؤلاء -أيها الإخوة- استحوذ عليهم الشيطان لدرجة أن أحدهم عندما تقول له: احلف لي بالله، يحلف لك بالله كاذباً، لكن إذا قلت له: احلف بحياة شيخك فلان، أو احلف برأس البدوي أو غيره من الأولياء، فإنك تجده لا يحلف بهذا الولي إلا إن كان صادقاً هذا شائع في بعض أمصار المسلمين، نسأل الله السلامة والبراءة من الشرك فإذا حلف إنسان بمخلوق من المخلوقات كما يجري على ألسنة كثير من المسلمين اليوم الذين يقولون في حلفهم: والنبي، مثلاً، يقولون: والنبي.

والنبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من المخلوقات التي خلقها الله، فالحلف به لا يجوز مع عظم منزلته التي أنزله الله إياها، لأن الحلف -أيها الإخوة- عبادة لا يجوز صرفها إلا لله، لا يجوز القسم إلا بالله، إن الله يقسم بما شاء من مخلوقاته: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة:٧٥] لكن العبيد لا يجوز لهم أن يقسموا إلا بالله، فإذا أقسم إنسان بغير الله فإن قسمه لا ينعقد، لا يعتبر يمينه يميناً، ولو حنث فيه فلا تجب الكفارة، أما اليمين الشرعية فهي التي لا يحلف فيها إلا بالله، ويؤكد عليه الصلاة والسلام خطورة هذا الأمر فيقول: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) حديث صحيح.