للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من فوائد اليوم الآخر: شفاء صدور المؤمنين والمظلومين]

وفي هذا اليوم شفاء صدور المؤمنين شفاء صدور المظلومين، يأتي المقتول يجر القاتل، فيقول: يا رب! انظر هذا فيمَ قتلني؟ يأتي الذين قد عذبوا في الدنيا من المؤمنين فينتقم الله لهم من الكفرة الذين عذبوهم {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين:٣٤ - ٣٦].

وهذا اليوم يقام فيه ميزان العدل: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} [الأنبياء:٤٧] وتوزن الأعمال بالدقة، بالشعرة، لا يخفى شيء ولا يفوت منها شيء، فيكون العدل الحقيقي، الآن في الدنيا المحاكم أكثرها على شريعة لم ينزلها الله عز وجل ولم يأذن بها، فهي تحكم بغير ما أنزل الله، وقد يوجد محاكم على الشريعة ولكن القاضي جائر لا يحكم بما أنزل الله، ويأتيه الهوى وتأتيه الرشاوي فتجعله يحيد عن شرع الله أما يوم القيامة فسيعاد الحق إلى نصابه، وسيقام العدل في أرض المحشر في أرض الحساب، فلا يفوت شيء أبداً، وتظهر عزة المؤمنين وذلة الكفار.

في الدنيا قد يسام المؤمنون أنواع العذاب، وقد يظهر المتمسكون في أعين العامة أنهم أذلاء، وأن السيطرة والقوة للجبابرة العتاة المسيئين، ويوم القيامة يوم تبيض فيه وجوه وتسود وجوه، تبيض فيه وجوه أهل السنة، وتسود فيه وجوه أهل البدعة؛ فيرى الناس جميعاً أهل المعاصي والكفر والشرك والبدعة والظلم وجوههم قد اسودت، فينادى على رءوس الأشهاد أن لعنة الله على الظالمين، فيظهر عند ذلك العز الحقيقي والذل الحقيقي في ذلك اليوم الذي يكسي الله به وجوه أهل السنة ويذل وجوه أهل البدعة.

وإن كان المسلمون المؤمنون الصادقون في الدنيا فقراء محتاجون، لكن قد لا يعطف عليهم أحد، فإن الله يجعل الكفار في الآخرة يمدون أيديهم يناشدون المؤمنين: {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [الأعراف:٥٠] هذا من فوائد اليوم الآخر.