للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإعراض المكفر والإعراض غير المكفر]

ينبغي أن نفرق في مسألة الإعراض المكفر والإعراض غير المكفر؛ لأن بعض الناس يعرضون عن مسألتين: عن أشياء معينة يتولون عنها، لا يعملون بها، هل هؤلاء كفار؟ من الكافر؟ من يكفر في الإعراض؟ عرفه ابن القيم فقال: أما كفر الإعراض كأن يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصدقه ولا يكذبه، ولا يواليه ولا يعاديه -إهمال- ولا يصغي إلى ما جاء به ألبتة.

وفي موضع آخر قال: العذاب يستحق بسببين: أحدهما: الإعراض عن الحجة، وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها، والحجة: هي الكتاب والسنة.

الثاني: العناد لها بعد قيامها، وترك إرادة موجبها.

فالآن لو جاء شخص تتناقش معه وتورد عليه شيئاً من القرآن والسنة يقول: لا، لا، لا تسمع لي ولا أسمع لك، لا تقل لي شيئاً، معرض لا يريد الاستماع أصلاً، يقول: أي شيء فيه دين لا أقبله ولا أسمع، معرض.

وهناك أناس يسمع لك لكن بعدما يسمع يرفض ولا يقبل، وأناس قد يسمع ولكن {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} [النساء:٤٦].

والإعراض المكفر على حسب ما ذكر لنا ابن القيم رحمه الله من نوع اللامبالاة، لا يسمع الحجة ولا يبحث عنها ولا يفكر فيها، وليس هذا فقط هو الإعراض المكفر، لكن هذا الذي ينافي قول القلب وإلا قد سبق الكلام على الإعراض من أنواع أخرى يتعلق بعمل القلب وعمل الجوارح ومكفر.

من صور الإعراض المكفر: الإعراض عن حكم الله عز وجل ورسوله: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور:٤٧ - ٥١].

إذاً: نستخلص من كلام العلماء في مسألة كفر الإعراض: أن الإعراض الناقض للإسلام على الأقل أن يعرض الإنسان عن مسألة.