للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تارك الأركان الأربعة]

أيها الإخوة: إن مذهب المرجئة يناسب حال الكفرة -الآن- في هذا العصر، فهم يحبونه جداً؛ لأنه يتوافق مع أهوائهم، ويجعلهم مؤمنين وليس لهم من الإيمان نصيب، وهذا الكلام يقودنا إلى مسألة وهي قضية تارك الأركان الأربعة.

الآن عرفنا أن ترك العمل بالكلية كفر، فهل هناك أعمال معينة تركها كفر؟ لو أن رجلاً قام بأشياء أخرى، كبر الوالدين وصلة الرحم والصدقة على الفقراء، صادق ملتزم بالمواعيد، هل هناك أعمال معينة تركها كفر؟ نجد في كلام العلماء أنهم قد قالوا: إن تارك الأركان الأربعة كافر، ولم يخالف في مسألة ترك جنس العمل أحد -كما قلنا- وأما قضية الأركان الأربعة فإن تاركها كافر، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الأقوال في المسألة، وقال عن الإمام أحمد رواية أنه يكفر بترك واحد من الأركان الأربعة حتى الحج حتى مع الإقرار بالوجوب، وفي رواية أخرى أنه لا يكفر إلا بترك الصلاة وهي رواية عن أحمد وكثير من السلف وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.

إذاً: ترك الأركان الأربعة بالكلية يكفر كما أن ترك العمل كله يكفر، أما لو ترك الصيام فالراجح أنه لا يكفر بترك الصيام، أو ترك الحج فالراجح أنه لا يكفر.

أما ترك الصلاة فالمسألة فيها خلاف كبير، والراجح أن تارك الصلاة بالكلية كافر حتى لو كان تكاسلاً؛ لأجل النص: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر) ولا يوجد شيء آخر منصوص على أن تركه كفر من الأعمال -لاحظ- إلا هذا ولذلك قلنا به، قال: (فمن تركها فقد كفر) والراجح -أيضاً- أن أي صلاة يتركها فهو كافر، أو ترك الصلاة في يوم أو يومين أو أسبوع؟ الحديث الراجح والله أعلم كما هو نص الحديث (فمن تركها) أي: الترك الكلي، يعني تارك الصلاة بالكلية كافر ولو أقر، لأنه قال: (فمن تركها) ولم يفرق بين الجحود وعدمه: (فمن تركها فقد كفر).

وتارك الزكاة -أيضاً- فيه نقاش كثير وخلاف كبير في قضية، وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن تارك الزكاة لا يكفر إلا إذا قاتل، كأن يقول: لا أؤدي وقاتل فهذا كافر.

فهذه هي الخلاصة في قضية ترك الأعمال.

إذاً: ترك جنس العمل كله كفر، ومن الأعمال الأخرى ترك الصلاة بالكلية -هذا وحده- كفر، والزكاة يكفر إذا قاتل؛ لأن معناه أنه مستعد أن يموت ولا يزكي، معنى هذا أين الإيمان الذي عنده؟ بعض الناس يقول: إن الجمهور يقولون: إن تارك الصلاة لا يكفر، وهذه حقيقة لا ننكرها، لا يقولون: إن ترك أصل العمل لا يكفر، فحتى الذين يقولون بعدم كفر تارك الصلاة من علماء السلف لا يقولون: إن ترك العمل بالكلية لا يكفر لا.

ترك العمل بالكلية كفر، لكن حصل خلاف في ترك الصلاة وترك الزكاة.