للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرد على دعاة التقارب بين الأديان]

وإنّ من أوضح الأمثلة على هذا قضية التآخي بين الأديان، أو التقارب بين الأديان، هذه الدعوة التي يروجونها اليوم تحت عنوان السلام العالمي، والتقارب بين الأديان.

ما معنى التقارب بين الأديان؟ إذا كان اليهود يقولون: عزير ابن الله، ويقولون: يد الله مغلولة، ويقولون: إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء، وإذا كان النصارى يقولون: المسيح ابن مريم هو الله، أو هو ابن الله، أو هو ثالث ثلاثة!! كيف يكون التقارب مع مثل هؤلاء البشر؟ أنت يمكن أن تتقارب مع أناسٍ يشتركون معك في الأصول مثلاً، تتقارب معهم في الفروع، لكن إذا كانت الأصول مختلفة تماماً، فكيف يحدث التقارب؟! كيف يمكن أن يحدث التقارب؟! فالتقارب إذاً مع اليهود والنصارى ليس في ديننا وهو كفرٌ بالله عز وجل، والتقارب معهم خروجٌ عن الإسلام؛ لأن الله أنزل ديناً لا يقبل غيره، وأنزل شرعاً لا يرضى بتبديله عز وجل، ولا بالتنازل عن شيءٍ منه، هذا الكلام نقوله الآن في الوقت الذي يخرج أولئك في الفضائيات وغيرها، ليقولوا: إن هناك أخوةً بيننا وبين إخواننا المسيحيين، لماذا؟ قال فُض فوه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:١٠] نحن مؤمنون وهم مؤمنون! هذا الدليل.

فإذا آمنوا بكفرهم وبباطلهم، فهم مؤمنون عنده، ونحن مؤمنون بالله، إذاً نحن جميعاً نشترك، ثم يقول: إن مودة المسلم لغير المسلم لا حرج فيها! أليس الله قد قال: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة:١].

كيف نقول بعد ذلك: إن بيننا وبينهم مودة؟! يأتي إلى قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:٨٢] فيقول هذا الكلام كان بالنسبة للوضع أيام النبي عليه الصلاة والسلام وليس الآن؟ فقل لي -أيها المسلم- بالله عليك! أيهما أفظع في التسلط والحرب على الإسلام وأهله؟ يهود اليوم أو اليهود الذين كانوا أيام النبي عليه الصلاة والسلام؟! من هم أشد كيداً وقوةً وحرباً على الإسلام يهود اليوم أم يهود الأمس؟ ثم نأتي ونقول: هذه الآية خاصة بزمن النبي عليه الصلاة والسلام! وكلما تورط هؤلاء العقلانيون الضلال بورطة في نصٍ شرعي، أقرب ما يكون لها أن يُزعم أن هذه خاصة بأيام النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا أي حكم شرعي لم يستطيعوا تطويعه والعبث به، وخداع الناس في شأن تنفيذه أسهل ما يقولون: هذه خاصة بأيام النبي عليه الصلاة والسلام.

وكأن الله عز وجل أنزل ديناً لسنواتٍ معينة، ثم ينتهي مفعوله، وكذلك بناءً عليه تباح الفروع الأخرى! فيما هو دون ذلك في قضية التهنئة بالأعياد مثلاً؛ لأن هذه بجانب هذه لا شيء، فإذا أجاز المودة وقال: إن العداوة أشد العداوة كانت في ذلك الزمان، إذاً قضية التهنئة بالأعياد ليس فيها شيء، قضية بسيطة وسهلة بجانب القضية الكبرى والقاعدة التي وضعت، وهي مسألة الأرضية المشتركة بيننا وبينهم.

ثم يقال: إن العداوة بينا وبين اليهود هي عداوةٌ من أجل الأرض التي سلبوها وليست عداوة ًدينية، والله الذي لا إله إلا هو إذا كنا لا نكرههم لأنهم سبوا الله وقالوا: يد الله مغلولة، وأن الله خلق السماوات والأرض وتعب واستراح يوم السبت، وأن الله فقير ونحن أغنياء، إذا كنا لا نكرههم لأجل هذا فلا دين ولا إيمان، ولا خير فينا على الإطلاق.

إذا كنا سنكرههم؛ لأنهم سلبوا شيئاً مادياً ودنيوياً وهو أرضٌ وزرعٌ، ولا نكرههم لأنهم سبوا إلهنا وخالقنا وأشركوا به، فأي خيرٍ فينا إذاً؟ وأي دينٍ وأي إيمان؟! أيها الإخوة: هناك ممارسات خطيرةٌ جداً تمارس في قضية العقيدة؛ تلبيساً وتشويهاً وتمويهاً، وخداعاً وتضليلاً على المسلمين، قل بحسن نية: يقصد ولا يقصد لكن هذه هي النتائج بوضوح.

أيها الإخوة: إن الإنسان إذا شُتمَ وسبّ أبوه وأمه غضب وانتفخت أوداجه واحمر وجهه، فكيف إذاً يرضى بأن يحب أو يتقارب مع قومٍ سبوا إلهه، إذا كان الإنسان يغار على عرضه، أفلا يغار على دين ربه؟ لماذا إذا انتقص منا شيءٌ غضبنا، وإذا سلب منا مالٌ قمنا وفزعنا، وإذا انتقص شيءٌ من الدين سكتنا، ولم ندافع عن ديننا فأي خيرٍ في قومٍ هذه طريقتهم؟!!