للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب تسمية السورة بهذا الاسم]

قال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:١ - ٢].

هذه هي سورة العنكبوت، وسميت بسورة العنكبوت لذكر العنكبوت فيها، قال تعالى: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} [العنكبوت:٤١].

وكان النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي يسمي السور، وينظمها، ويضع هذه الآية هنا وهذه السورة هنا، ولم يترك ذلك لأحد ولا حتى لـ أبي بكر ولا عمر؛ من أجل الحفاظ على القرآن، وكل ما يدعيه المستشرقون من يهود أو نصارى أو منافقين من أن ترتيب الآيات والسور هو من فعل الصحابة، ومن فعل أبي بكر وعمر وعثمان كله كذب على الله، ومع هذا فيدعي هؤلاء أكثر من ذلك، فيقولون عن القرآن: إنه ليس كلام الله، وهم يرون المعجزات المرئية، وبإجماعهم أن هذا القرآن هو الذي نطق به النبي عليه الصلاة والسلام منذ ١٤٠٠عام لم يتغير كلمة، ومع ذلك يقولون: افتراه وأعانه عليه قوم آخرون، وقد قص الله علينا كفرهم، وقول هؤلاء القردة والببغاوات هو نفس ما سبق أن قاله الكفار السابقون، وذكر الله كفرهم في القرآن.

والبيت المبني من فولاذ لا يخاف من ضرب الحجارة، ولكن بيوت الورق تؤثر فيها أقل نسمة، وهكذا دينهم وفلسفاتهم وعلومهم الباطلة التي لا دليل عليها من منطق ولا من علم ولا من نقل صحيح ولا فاسد، وهم مع ذلك متضاربون ومتشاكسون لم يتفقوا حتى على باطلهم.

وسورة العنكبوت اختلف فيها العلماء منذ عصر الصحابة أهي مكية أم مدنية؟ فقال جماعة: مكية، أي: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة المكرمة، وقال جماعة من الصحابة: بل هي مدنية، أي: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وقال قوم: لا مكية ولا مدنية، وإنما هي كقوله تعالى في سورة القصص: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص:٨٥]، التي نزلت على رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو بين مكة والمدينة.