للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (والذين كفروا بآيات الله ولقائه)]

قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [العنكبوت:٢٣].

قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} [العنكبوت:٢٣]: أي: بكتابه، وبرسله، وبالأدلة القاطعة على أنه الواحد المعبود لا شريك له في ذات ولا صفة ولا فعل، فهؤلاء الذين يكفرون بآيات الله وبلقائه ويكفرون بيوم البعث لا يؤمنون بأن الخلق سيبعثون بعد الموت، وأنهم يحشرون يوم القيامة للحساب والعقاب، ويكون مصيرهم إما إلى جنة وإما إلى نار، فهؤلاء قد كفروا بالله وكفروا بكتبه، وكفروا برسله، وكفروا بلقائه وباليوم الآخر وبالعرض على الله وبيوم القيامة.

{أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي} [العنكبوت:٢٣]: يقول الله عن هؤلاء الكافرين: إنهم قد يئسوا من رحمة الله، فقد يئسوا من الجنة، ويئسوا من أن يغفر الله لهم أو يرحمهم، {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء:٤٨] فلا يغفر لمن كفر به، ولا يغفر لمن جعل مع الله إلهاً آخر، ولا يغفر لكل من لم يؤمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر، وهو معنى اليأس في الآية، فإنهم قد يئسوا من الرحمة، ويئسوا من الجنة، ويئسوا من مغفرة الذنوب.

قوله: {أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [العنكبوت:٢٣]: الإشارة في قوله: (أولئك) لهؤلاء الذين كفروا بالله، وجحدوا الله ورسله وكتبه، وكفروا بيوم البعث -اليوم الآخر يوم القيامة- فهؤلاء الذين هذه صفتهم وهذه حالهم لهم عذاب أليم موجع، وقد يئسوا من الرحمة في الدنيا ما لم يتوبوا وينيبوا ويئوبوا إلى الحق، وهم في الآخرة أشد يأساً من الرحمة ومن المغفرة، ولهم مع ذلك العذاب الأليم الموجع المؤلم المذل المهين.