للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه)]

قال الله جل جلاله: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة:٦ - ٧].

قوله تعالى: (ذلك)، الإشارة إلى خالق السموات والأرض، الذي على العرش استوى، الذي يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون.

أي: أنا الله عالم الغيب والشهادة، عالم ما غاب عن الخلق، وما شهدوه، المنفرد بالخلق، العزيز الذي لا يقام له، الرحيم بخلقه وعباده المؤمنين، الذي أحسن كل شيء خلقه.

فهذه الصفات كلها صفات لله تعالى، فهو خالق السموات والأرض، وهو عالم الغيب والشهادة، وهو العزيز الرحيم، الذي أحسن كل شيء خلقه، أي: الذي أحسن خلق كل شيء وأتقنه على حسب مراده، وحسب أمره، مهما اختلفت الألوان، واختلفت الأنواع من جن وأنس وحيوان ودابة وطائر، قد أتقن خلقهم جميعاً طعاماً وشراباً، وبصراً وسمعاً، وأدوات يعيش عليها ويعيش بها، حتى تلك الحشرة التي لا تكاد ترى بالعين الباصرة خلقها وأتقن خلقها وأحسنه، فجعل لها لساناً، وسمعاً وبصراً ومعدة، وخصها بذكورة وأنوثة للتوالد والتناسل، كل ذلك أتقنه، وكل ذلك أحسنه، وكل ذلك انفرد الله جل جلاله بخلقه.