للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله تعالى: (ولكن حق القول مني لأملأن جهنم)]

قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة:١٣].

كان هذا القول عندما أبى إبليس إلا الكبرياء عندما أمره الله بالسجود لآدم، فأبى السجود وقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:١٢].

أي: خلقتني من نار وخلقته من تراب، فاعتبر النار التي خلق منها أشرف من التراب.

فتألى على الله وتكبر، فطرده الله من الجنة، وطرده من رحمته ورضاه، وإذا بالشيطان يطلب من ربه أن يرجئه إلى يوم البعث، فأرجأه امتحاناً للخلق، وللتمييز بن الحق والباطل، فذهب يتوعد بأنه سيضل الناس والخلق عن الله ليكفروا به، وليخرجوا عن طاعته، فتوعد الله بأنه سيدخله ومن تبعه النار، فكان هذا هو العهد.

قوله تعالى: {لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة:١٣].

اللام في قوله تعالى: (لأملأن) للقسم، وأكد الفعل بنون التوكيد، فأقسم تعالى على أنه سيملأ من هؤلاء الكفرة الجاحدين الذين خيروا بين الحق والباطل، فأبوا إلا الباطل، وخيروا بين الإيمان والكفر، فأبوا إلا الكفر، فكان ذلك برغبتهم، فعلى أساس ذلك عذبوا، وعلى أساس ذلك عوقبوا، وهكذا مآل كل كافر.