للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (واتبع ما يوحى إليك من ربك)]

قال الله تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب:٢ - ٣].

أي: دع قول هؤلاء الكافرين، ودع قول هؤلاء المنافقين، ولا تلتفت إليهم، ولا تهتم بهم، ولكن الذي تتبعه وتطيعه هو ما أوحاه الله إليك.

والأمر من الله لنبيه أمر للمؤمنين؛ لأنه صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة، ولا يليق بالمؤمن أن يستشير في دين الله كافراً أو منافقاً، فضلاً عن أن يعمل بقول الكافرين والمنافقين، ولكن المؤمن أمر بأن يعمل بما أوحى الله به وأنزله على نبيه وهو القرآن الكريم، وبما نطقت به السنة المطهرة، التي جاءت مبينة لكتاب الله.

وقوله: ((وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)).

أي: اتبع الوحي الذي جاءك به جبريل عن الله.

وقوله: ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)).

أي: كان الله بقولكم أيها المؤمنون خبيراً عليماً، فهو يعلم ما تقولون، وهو خبير بما تفعلون، فمن فعل خيراً فله، ومن فعل شراً فعليه، فهو الخبير بأعمالنا وبأقوالنا، فمن أطاع فله الجنة، ومن عصى فله النار.

والله جل جلاله يلزمنا بأن نطيعه، ومن عصاه قد أنذره، وتهدده وتوعده بعذابه وعقابه، وهو يعلم ما يعمل وما يحدث به نفسه إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

قال الله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب:٣].

أي: يا محمد اتق الله في نفسك، وأمر أتباعك المؤمنين بأن يتقوه، وألا يطيع أحد من أتباعك منافقاً ولا كافراً، بل قل لهم: اتبعوا ما أوحى الله إليكم وأنزله عليكم، وتوكلوا على الله في طاعتكم له، واجعلوا الله وكيلكم، وابتعدوا عن كل منافق وكافر، ومن جعل الله وكيلاً له كفاه كل شر وكل سوء، ونصره على أعدائه، وأيده في أعماله، وكان له كما يكون لأوليائه المتقين.

وقوله: ((وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)) أي: يكفيك الله عدوك، ويكفيك شانئك، فلا تخرج عن طاعة الله، فذلك خير لك في دنياك وفي آخرتك، وكل هذا ديباجة وتمهيد لما أوحى الله به على نبيه في هذه السورة من غزوة الأحزاب غزوة الخندق، وما حصل فيها من إذلال عدو الله، ونصر رسول الله وأتباعه.