للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التبرج في القديم والحديث]

قال الله تعالى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:٣٣].

التبرج هو: إظهار النساء المحاسن، وخروجهن متبخترات، متعطرات، متكسرات في مشيتهن، فالله منعهن من ذلك، وحرم عليهن ذلك، وقال لهن: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:٣٣].

وكما قال ابن عباس: (ما كانت جاهلية أولى حتى كانت جاهلية ثانية).

وقال قتادة بن دعامة السدوسي: (لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى، والجاهلية الثانية ستأتي في آخر الزمان).

فما أصدق ابن عباس في فهمه وقد أوتي حسن التأويل، وما أصدق قتادة بن دعامة في فهمه كذلك لكتاب الله.

والجاهلية الأولى هي التي كانت قبل الإسلام، عندما كان النساء يخرجن متبرجات، متعطرات، مبرزات محاسنهن، متعرضات للرجال في ثياب هي إلى العري أقرب ويمشين في تكسر وميلان.

وهذه الجاهلية الأولى التي حرم الله على النساء أن يفعلنها عاد إليها النساء في زماننا هذا الفاسد، كما فسر ابن عباس وكما صرح قتادة بن دعامة، فلقد عادت النساء للخروج وهن متبرجات متكسرات متغنجات، مبرزات للمحاسن ساقاً وفخذاً وصدراً وظهراً وعنقاً وخداً وشعوراً، من غير خوف من الله ولا خشية من الناس، وهذا ما قد حرمه الله في كتابه على أمهات المؤمنين، وعلى غيرهن تبعاً لهن، فالأمر للنساء عموماً.

وقد روى مسلم في الصحيح، والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة وعن أبي سعيد الخدري قالا: قال عليه الصلاة والسلام: (صنفان من الناس لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، على رءوسهن كأسنمة البخت العجاف، يأتين أبواب المساجد على المياثر، لا يرحن ريح الجنة، وإن بينهن وبينها مائة عام، ورجال).

فقوله عليه الصلاة والسلام: (صنفان من الناس) أي: نوعان من الخلق أو فئتان: فئة من النساء لم يرهن بعد، وفئة من الرجال لم يرهم بعد، أي: لم يكونوا في عصره ولا زمانه، بل لم يكونوا بعد عصره بأكثر من ألف عام، إلى أن كانوا في عصرنا هذا، العصر اليهودي الفاسد الفاجر.

فقد وصف صلى الله عليه وسلم النساء بأنهن كاسيات عاريات، يلبسن ألبسة هي إلى العري أقرب، تظهر منها جميع محاسنهن، من ظهور وصدور وشعور وسوق، وتكاد تكون عارية، مع التكسر والتبختر والتعطر، وعرض أنفسهن على الرجال، فهؤلاء يخرجن في الشوارع وهن إلى العري أقرب، يلبسن على رءوسهن برانيط وقبعات، ويضعنها تارة على اليسار وتارة على اليمين، يملن على رءوسهن كأسنمة البخت العجاف.

أسنمة: جمع سنام، كما يكون عادة سنام الجمال الهزيلة المائلة يميناً وشمالاً، وهي عادة ذات سنامين، يأتين على هذه الحالة إلى أبواب المساجد، مما يدل أنهن في الأصل محرمات.

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن: (لا يرحن ريح الجنة) أي: لا يشممن لها ريحاً، مع أن ريحها يشم من مسيرة مائة سنة، فإذا كانت المرأة على هذه الحالة لم تقبل لها صلاة، ولا يقبل لها صيام، ولا يقبل لها حج ولا عبادة، ما لم تتخل عن هذه الفواحش والبلايا والمصائب، وقديماً قالت الحكمة: التخلية مقدمة على التحلية.

فبدل أن تذهب المرأة وتزف لزوجها وقد تعطرت ولبست الحلي والحلل، تذهب لتغسل بدنها وتتنظف، ثم بعد ذلك تزف.

وهكذا المؤمنة قبل أن تذهب للطاعة من صلاة وحج وصيام فلتتطهر من الأرجاس والأدناس والعري والتبرج، وما لا يليق بالمسلمات.