للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر بعض خبر النبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة]

قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} [الكهف:٩].

وقد عاش النبي عليه الصلاة والسلام في الغار حتى آن أوان نزول الوحي عليه، فألهمه الله أن يذهب إلى الغار وحده، ولم يكن معه جماعة، فكان يذهب إلى الغار الذي لا يزال معروفاً، وهو غار حراء، فكان يتحنث ويتعبد فيه بالفكر، ويقول في نفسه: هذه الدنيا على عظمتها أيمكن أن تكون بلا خالق؟! أيمكن أن يكون الدين ما عليه قومي، وهم يسجدون للأحجار وللأوثان، ويصنعون من التمر صنماً ثم يجوعون فيأكلونه؟! وقد أراد مرة أن يحضر لهوهم في مكة فقال لمن كان يرعى معه: بلغنا اليوم أن هناك عرساً واجتماعاً فارع غنمي حتى أحضر العرس فذهب ليطلع على عرس للمشركين، وإذا بالله الذي يهيئه لرسالة العالم، ولإمامة الأئمة يمنعه عن ذلك، فلم يكد يصل حتى أصيب بما أصيب به أهل الكهف، فنام إلى أن أصبح الصباح ومسه حره الشمس، وإذا بالقوم قد تفرقوا، وأعاد هذا مرة ثانية، فحفظه الله وصانه، وكان ذلك إرهاصاً لما يعد له، إلى أن نزل عليه الوحي في الغار، حيث جاءه جبريل فضمه إليه ضمة شديدة كادت أضلاعه أن تتداخل منها، وكان يقول له: اقرأ، وهو يقول: ما أنا بقارئ.

وقد اجتمعت برجل ماروني هو الآن أديب مشهور قد تجاوز التسعين، وقد ترك النصرانية وقارب الإسلام، وقد رأى رؤيا أولتها له بأنه قريب من الهداية، فاغتر وظن أنه نبي، وأخذ يدخل المغارات، ويصدر الكتب يعارض بها القرآن والتوراة والإنجيل، ويقول: يا بني آدم، يا ابن آدم، وهكذا تلاعب به الشيطان، حيث انتظر جبريل فلم يأته في الغار، وإذا به يأتيه الشيطان!