للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم)]

قال تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} [يس:٤٦].

أي: كما أعرضوا عندما أمروا من أنبيائهم ومن كتب ربهم، ومن دعوة علمائهم أن يتقو الله ويبتعدوا عما مضى في حياتهم من السوء، فأعرضوا عندما أتتهم آيات ربهم.

وفسّرت الآية: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ} [يس:٤٥] أي: ما يستقبل من أيامكم.

(وما خلفكم) أي: ما سبق في الأيام الماضية أيام الكفر أو أيام المعصية، وعلى كل اعتبار فالمؤدى واحد، وهو أن الله أمر هؤلاء بأن يتوبوا لله عما مضى من ذنوب وفيما سيأتي منها، وأن يوحدوا الله كل حياتهم، وأن يكفروا بالأوثان والأصنام، وأن يخصوا الله وحده بالعبادة، فإن فعلوا ذلك حببهم الله إلى ذلك وحثهم عليه إن فعلوه {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [يس:٤٥].

و (لعل) في القرآن للتحقيق، على خلاف المعهود في لغة العرب: أنها للترجي، ولكن الله أكرم من أن يرّجي أحداً ولا يفعل، ولكن الآية في القرآن معلقة ومقيدة فيما إذا اتقى الإنسان الذنوب والمعاصي، وجعل بينه وبينها وقاية، ففعل الواجبات وترك المنكرات جميعها؛ لعل الله تعالى فيما مضى وفيما هو باق من حياته يرحمه إن فعل ذلك.

فقوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} [يس:٤٦] أي: على كثرة ما أتاهم ويأتيهم من آيات ومعجزات، ودلائل قاطعة على صدق أنبيائه وعلى قدرة الله وإرادته في كل شيء، فهو القادر على الخلق والإماتة، وقد رأينا ذلك في النبات والمطر، ورأينا ذلك في أنفسنا: وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد