للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (إذ أوى الفتية إلى الكهف)]

قال تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف:١٠].

الفتية: جمع قلة، ولا يقال: فتى وفتية إلا للشباب الأحداث، ولذلك قالوا: كانت أعمارهم بين الخمسة عشر والعشرين عاماً عندما أرادوا الفرار بدينهم وبتوحيدهم، واعتزال المشركين وأهل الكفر.

ولذا قال علماؤنا: عندما تنتشر البدعة، وينتشر الكفر، ويعم الفساد في الأرض يجب على الإنسان أن يعتزل الناس، كما اعتزل الفتية قومه إلى الكهف.

يقول تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ} [الكهف:١٠].

و (إذ) هنا مصدرية زمنية أي: اذكر -يا رسولنا- وأنت تسأل عن قصة أهل الكهف، اذكر هؤلاء إذ أووا إلى الكهف، أي: اتخذوه مأوى، واتخذوه معزلاً، واتخذوه مكان اختفاء عن المشركين.

قال تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [الكهف:١٠].

أي: من عندك يا رب، لا بما نستحقه، فنحن في الكهف غرباء، لا طعام ولا شراب، ولا حراسة ولا حماية، إلا إذا شئت أنت، فارحمنا حتى لا يفتننا هؤلاء عن ديننا، وحتى لا يقهرونا، وحتى لا يقتلونا ويعذبونا، وحتى لا نضطر فنعود إلى دينهم.

قال تعالى: {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف:١٠].

أعدنا لما يصلحنا، ولما يبعدنا عن المشركين والكافرين من قومنا، ولما نحتفظ فيه بتوحيدك، ونحتفظ فيه بعبادتك.