للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وتركنا عليه في الآخرين)]

قوله تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات:١٢٩ - ١٣٠] أي: ترك عليه الذكر الحسن، فقد مضت آلاف السنين ولا يزال إلياس يذكر الذكر الحسن وينوه به، ويصلى عليه ويسلم، كما يصلى على أنبياء الله المكرمين ورسله الصادقين.

قال تعالى: {سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات:١٣٠].

(إِلْ يَاسِينَ) معناها: سلام على ياسين، والعرب تدخل أحياناً الألف واللام على الأعلام، مثل: عباس فتقول: العباس، وأحمد تقول: الأحمد، بشير تقول: البشير، وإلى اليوم يدخل المغاربة على الأعلام الألف واللام، ويقال عليها في النحو العربي: إنها للمح الأصل، فمن سمي ابنه علياً لا يزال يلمح أصلاً، رجاء أن يكون ولده على دين علي شجاعةً وإيماناً وصلاحاً وتقوىً وفصاحةً وبلاغةً، وهكذا يصنعون في الأعلام، وهي لهجة من لهجات العرب قديماً وحديثاً، ونطق بها القرآن، وبعضهم قال هكذا، والعرب كما تقول: (ياسين) تقول: (الياسين) و (إلياسين)، وكما تقول: (إسماعيل) تقول: (إسماعيلن) وتختم الكلمة بالنون، و (ميكائيل): (ميكائيلن) و (إدريس): (إدريسن) أما القراءة التي فيها (آل ياسين)، فالبعض قال: (آل ياسين) أي: من آمن به وأصبح من أهله وأتباعه وشيعته وأنصاره.

فقوله: ((سَلامٌ عَلَى آِلْ يَاسِينَ)) أي: سلام على ياسين وأتباعه وأنصاره من المؤمنين.

وقال القرطبي وابن كثير والبغوي والسيوطي: معنى (آل ياسين): آل النبي عليه الصلاة والسلام، وذهبوا إلى أن ياسين اسم من أسماء رسول الله عليه الصلاة والسلام، وسبق أن قلنا هذا في تفسير سورة ياسين، فقد قيل عنها الكثير في تفسيرها، وكان مما قيل: إن ياسين اسم من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن ياسين معناها: يا سيد البشر! وليس هناك سيد للبشر إلا محمداً صلى الله عليه وسلم، فهو سيد الأولين والآخرين، وهو الذي قال عن نفسه كما في الصحيح: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) فإذا كان هو سيد ولد آدم يوم القيامة فهو سيد ولده في الدنيا من باب أولى وأحرى.

فقوله تعالى: (سَلامٌ عَلَى آِل يَاسِينَ) أي: سلام على آل بيت النبوءة رضي الله عنهم، وصلى الله على جدهم وسلم.

وإن كان البغوي قد قال: لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من هذه الآيات، ولكن الآخرين قالوا: هذا الكلام خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو مذكور من البداية والنهاية، فمعه الخطاب وإليه يوجه الكلام من الله جل جلاله.