للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ذلكم الله ربكم خالق كل شيء)]

ثم قال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [غافر:٦٢].

قوله: (ذلكم) الإشارة بـ (ذا)، و (كم) إذا أضيف لاسم الإشارة يكون المضاف إليه حسب المخاطبين، ففي المفرد يكون مفرداً، وفي الأنثى أنثى، وإن مثنى فمثنى، وإن كان لجماعة الذكور فمذكراً، أو للإناث فمؤنثاً.

فهنا يقول الله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ} [غافر:٦٢] أي يقول الله لخلقه وعباده ذكور وإناث: ذلكم الذي قدر البعثة وقدر الحياة الثانية، وخلق الجنة والنار، وعرض الخلق عليه يوم القيامة إما إلى جنة وإما إلى نار، وذاك الذي جعل الليل سكناً والنهار معاشاً: هو الله الذي خلق الإنسان من عدم، ثم أماته ثم أحياه بعد ذلك.

ثم مضى الله في الآية من هذه السورة الشريفة المكرمة، وكل فاعل ذلك هو الله الذي لا إله إلا هو، فلا ثاني له ولا شريك لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله.

وقوله تعالى: {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [الأنعام:٩٥] أي: أنى تصرفون عن الحق وهو بين واضح، تراه عينك وتدركه بصيرتك وتسمعه أذنك؟ ومع ذلك ذكركم الله ونبهكم، وأرسل لكم رسلاً مبشرين ومنذرين؛ ليعينكم على عبادته وطاعته، ومع كل هذا فكيف تركتم ذلك وأشركتم بالله؟ وكيف تركتم الاستدلال بدليل العقل والوعي والفهم؟ وأنى صرفتم عن التوحيد للشرك، وعن الحق للباطل؟