للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون)]

قال تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [فصلت:١٩].

جعل الله كل كافر به وبرسله عدو له، وهذا الأرعن الأحمق الذي فقد عقله قبل أن يفقد دينه وأراد إزالة الحواجز بيننا وبين هؤلاء الذين لعنهم الله من إخوان القردة والخنازير لم يدر أن هؤلاء ليسوا أعداءنا نحن فقط، بل هم أعداء الله أولاً، وهم الذين لعنهم الله إلى أبد الآباد، كما قال تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [البقرة:٦١].

وقد لُعنوا على لسان الأنبياء السابقين واللاحقين، وقد أذلّهم الله ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم عليهما السلام، ولعنهم أيضاً على لسان محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال تعالى فيهم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [الأعراف:١٦٧].

فهم أعداء الله قبل أن يكونوا أعداءنا، فهم الذين تكبروا على الله وتجبروا عليه وقتلوا أنبياءه، واستباحوا الدم الحرام وأتوا المنكر وقذفوا أنبياءهم المعصومين عن المحارم، وقتلوا العلماء وشرّدوا الصالحين، فدمّرهم الله وقطّعهم في الأرض أمماً.

والذي نراه اليوم ليس هو إلا من باب {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم:٨٣]، ثم يجمع الله الشياطين والكفار واليهود ومن سُلطوا عليهم في جهنم، جزاء خذلانهم وكفرهم بالله، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [فصلت:١٩]، أي: يُحشر يوم القيامة أعداء الله من الكفار يهوداً ونصارى ومنافقين.

قوله: ((إلى النَّار فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي: يُساقون إلى النار ويجرون إليها، فيجمع أولهم مع آخرهم ويساقون إليها سوق الدواب، ويسحبون على وجوههم وجباههم؛ جزاء كفرهم بالله وشركهم به.

قال تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ} [فصلت:١٩]، وقرئت: (ويوم نحشر أعداءَ الله إلى النار فهم يوزعون) أي: فهم يُسحبون على وجوههم ويساقون إليها سوق الدواب على وجوههم ورءوسهم.