للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)

قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف:٣] يقسم ربنا جل جلاله بأن القرآن أنزله عربياً، وتكلم به عربياً، وخاطب به العرب البلغاء الفصحاء الذين سيكونون بعد ذلك رسل رسول الله إلى العالم.

وهكذا كان الأمر، فقد خاطب الله نبيه وقال له: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء:٢١٤] فآمن من آمن، واهتدى من اهتدى، وضل من ضل.

ومات عليه الصلاة والسلام وقد استكملت الجزيرة العربية إيمانها وإسلامها، حتى قامت مشاكل وفتن واضطرابات، فتصدى لها أبو بكر تصدي الأسود فأذلهم وقضى عليهم، فقتل الأنبياء الكذبة، وقتل المؤمنين بهم، وأخضعهم للإسلام، وقتل مانعي الزكاة فأدوا الزكاة رغم أنوفهم.

ثم جمع القوم وأخذ بهم إلى الحدود لحرب الروم، ولم تكن مدة خلافته أكثر من سنتين وثلاثة أشهر.

فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزحف بدولة الإسلام إلى أرض الشام وأرض العراق وفارس ومصر وأرض المغرب.

فكانوا رسل رسول الله إلى الناس، فقد تفهموا القرآن بلغتهم، وعقلوه بفهومهم، وآمنوا به بقلوبهم، وهكذا كان.

والقرآن لا يترجم، ومستحيل ترجمته، ونأخذ مثالاً على ذلك: لو أن أساتذة كبار الجامعات ترجموا قطعة شعرية أو نثرية لينقلوها من لغة إلى لغة، فستكون تلك الترجمة لا يشبه بعضها بعضاً؛ لأن الترجمة هي تفسير للمعاني تعود للفهم وللإدراك.

والترجمة تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: ترجمة ألفاظ القرآن وهذا لا يجوز.

القسم الثاني: ترجمة معاني ألفاظ القرآن وهذا يجوز، ولذا نجد ونرى اليوم قد ترجم كتاب الله إلى جميع لغات الأرض؛ لغات أهلها مسلمون، ولغات أهلها كافرون، كاللغة الفرنسية والتركية وغيرهما، مع وجود اختلاف في اللغات من ترجمة إلى أخرى، فالترجمة هي عبارة عن شرح وبيان وتفسير.

فالتفاسير في اللغة العربية مع كثرتها لا يكاد أن يتفق تفسير مع تفسير في كل العصور، فهذا يفهم شيئاً بناءً على فهمه أن الآية منسوخة، أو مطلقة، أو مخصصة، أو مقيدة.

ويأتي الآخر فيقول: ليست الآية بمنسوخة إلخ.

فكم اختلف المفسرون في معنى لواقح في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر:٢٢].