للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله تعالى: (وآتيناهم بينات من الأمر)]

قال تعالى: {وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الجاثية:١٧].

قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الأَمْرِ} [الجاثية:١٧] أي: كذلك آتى الله تعالى بني إسرائيل بينات وعلامات وأدلة وبراهين على صدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى صدق كتاب الله المنزل على نبينا، وهو القرآن الكريم.

وقد أخبرت التوراة وأخبر الإنجيل بصفة نبينا وزمنه الذي سيظهر فيه، ولذلك كان اليهود يقولون للأوس والخزرج من عرب المدينة: سيظهر نبي وسنقاتلكم معه.

وكانوا يتوهمون أنه من بني إسرائيل، فلما جاء من العرب حسدوه وكفروا به وأنكروا الأدلة القاطعة التي وردت في الإنجيل والتوراة وغيّروا ما في التوراة والإنجيل، وكذبوا على الله.

ولذلك قال عيسى -كما في الإنجيل وكما قص القرآن- {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:٦]، فقد صرّح باسمه وبنعته، وأنه يظهر في جبال فاران، وجبال فاران هي جبال مكة كما تقول كتب علم الجغرافيا ودواوينها العربية والأعجمية.

ولأحد العلماء الذين في رتبة مشايخ مشايخنا كتاب اسمه (الحق) أو (صوت الحق)، جرّد فيه من نسخ التوراة، ومن نسخ الإنجيل ما ورد فيه صفة نبينا عليه الصلاة والسلام، وهو يزيد المؤمن إيماناً، ويلقم اليهود والنصارى حجراً لكفرهم بذلك وحقدهم على الفضل الذي آتاه الله للعرب ولسيد العرب نبينا صلى الله عليه وعلى آله.

قال تعالى: {وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الأَمْرِ} [الجاثية:١٧] أي: أمر رسالته وأمر الكتاب المنزل عليه، آتيناهم آيات ودلائل واضحات، وحججاً وبراهين.