للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولله ملك السماوات والأرض)]

قال تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ} [الجاثية:٢٧] إن أولئك الذين ينسبون إلى الدهر ما ليس له، ويقولون: ما يهلكنا إلا الدهر، وما تهلكنا إلا الحياة الدنيا، فنحيا ونموت، ولا بعث ولا نشور، هؤلاء الكذبة الفجرة يرد عليهم بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الجاثية:٢٧] فلله الدهر ولله العمر، ولله الحياة، ولله الممات، وبيده القبض والبسط، فليس الأمر لدهر كما توهموا، ولا للحياة ولا للموت كما توهموا، بل الحياة بيد الله، والممات بيد الله، والسماوات والأرض وما فيهما وما بينهما وما عليهما ملك لله خلقاً وتصرفاً وتدبيراً.

يقول ربنا: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ} [الجاثية:٢٧] فيوم تقوم الساعة التي ينكرها الملاحدة والدهريون تظهر خسارة المبطلين الذين أبطلوا الحقائق، والذين آمنوا بالباطل، والذين كفروا بالله وبرسل الله، ففي ذلك اليوم يرون ما كانوا ينكرون، فيعيشون في واقع ما كانوا يكفرون به، ويومئذ سيشعرون بالخسارة، فقد خسروا دنياهم فلم يستفيدوا منها، إذ هي مزرعة للآخرة، وخسروا آخرتهم وقد جاءوا إليها كفرة فجرة غير مؤمنين بها ولا بما سيكون فيها.