للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق)]

قال تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأحقاف:٣٤].

يقول ربنا لنبيه وللناس من المؤمنين وغير المؤمنين: واذكروا يوم يعرض الكافرون على النار، يوم ذلهم وهوانهم، وعودتهم للإيمان بالحق يوم لا ينفعهم إيمان فقد فات الأوان، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فقوله: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ} [الأحقاف:٣٤] لقد كانوا في دار الدنيا منكرين للآخرة ومنكرين لنعيمها ومنكرين لعذابها، وهم الآن في الدار الآخرة في عذابها يكتوون، فتقول الملائكة عن أمر الله أو يقول الله جل جلاله: {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ} [الأحقاف:٣٤] استفهام توبيخي تقريعي: هل يتمكن أحدكم بعد أن عاش في واقع ما كان يحذر منه أن ينكر هذا؟ وإذا بهم يبادرون ويقولون مقسمين: {قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} [الأحقاف:٣٤] أليست الدار الآخرة حقاً؟ أليس البعث والنشور حقاً؟ أليست الجنة حقاً؟ أليست النار حقاً؟ إذاً: فيم كنتم تعيشون؟ أليس في باطل وفي ضلال وفيما لم ينزل الله به من سلطان؟ فأقسموا بربهم أن هذا حق وقالوا: {بَلَى} [الأحقاف:٣٤] استجابة بعد الإنكار قال: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأحقاف:٣٤] فعذبوا وأدخلوا النار وذلك بسبب كفرهم، قال تعالى: {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأحقاف:٣٤] أي: بسبب كفركم وحرصكم مدة حياتكم على هذا النكران وعلى هذا الجحود.